للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِي الْفَتَاوَى الصَّيْرَفِيَّةِ الْأَصَحُّ الِانْعِقَادُ. اهـ.

وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ لِمَا أَنَّهُ يُفِيدُ مِلْكَ الْعَيْنِ لِلْحَالِ، وَكَذَا فِي انْعِقَادِهِ بِلَفْظِ الصُّلْحِ قَوْلَانِ وَجَزَمَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ بِعَدَمِهِ؛ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلْحَطِيطَةِ، وَإِسْقَاطِ الْحَقِّ، وَكَذَا فِي انْعِقَادِهِ بِلَفْظِ الرَّهْنِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ الِانْعِقَادِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ أَصْلًا قَيَّدَ بِمَا وُضِعَ لِلتَّمْلِيكِ احْتِرَازًا عَمَّا لَا يُفِيدُهُ فَلَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْفِدَاءِ كَمَا لَوْ قَالَتْ: فَدَيْت نَفْسِي مِنْك فَقَبِلَ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْفَسْخِ وَالْإِقَالَةِ وَالْخُلْعِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّمَتُّعِ وَالْإِبَاحَةِ وَالْإِحْلَالِ وَالرِّضَا وَالْإِجَازَةِ بِالزَّايِ الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ أَصْلًا، وَقَيَّدَ بِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ احْتِرَازًا عَمَّا يُفِيدُ مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ فَقَطْ كَالْعَارِيَّةِ فَلَا يَنْعَقِدُ بِهَا عَلَى الصَّحِيحِ.

وَأَمَّا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ فَإِنْ جُعِلَتْ الْمَرْأَةُ أُجْرَةً فَيَنْعَقِدُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ مِلْكَ الْعَيْنِ لِلْحَالِ فِي الْجُمْلَةِ بِأَنْ شَرَطَ الْحُلُولَ أَوْ عُجِّلَتْ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تَجْعَلْ أُجْرَةً كَقَوْلِهِ آجَرْتُك ابْنَتِي بِكَذَا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُفِيدُ مِلْكَ الْعَيْنِ؛ وَلِأَنَّ بَيْنَهُمَا مُضَادَّةً؛ لِأَنَّ التَّأْبِيدَ مِنْ شَرَائِطِهِ وَالتَّأْقِيتَ مِنْ شَرَائِطِهَا وَاحْتِرَازًا عَمَّا يُفِيدُ تَمْلِيكَ بَعْضِ الْعَيْنِ كَلَفْظِ الشَّرِكَةِ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ فِي الْحَالِ احْتِرَازًا عَنْ لَفْظِ الْوَصِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِهِ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ كَذَا أَطْلَقَ الشَّارِحُونَ، وَقَيَّدَهُ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ بِمَا إذَا أَطْلَقَ أَوْ أَضَافَ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَمَّا إذَا قَالَ: أَوْصَيْت بِبُضْعِ ابْنَتِي لِلْحَالِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَبِلَ الْآخَرُ انْعَقَدَ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَجَازًا عَنْ التَّمْلِيكِ وَالْمُعْتَمَدُ الْإِطْلَاقُ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ مَجَازٌ عَنْ التَّمْلِيكِ فَلَوْ انْعَقَدَ بِهَا لَكَانَ مَجَازًا عَنْ النِّكَاحِ وَالْمَجَازُ لَا مَجَازَ لَهُ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ مِنْ الْبَيْعِ، وَفِي الْمَبْسُوطِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَمْ يَنْعَقِدْ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ فَإِنَّهُ يُثْبِتُ الشُّبْهَةَ فَيَسْقُطُ الْحَدُّ لَوْ وَطِئَ وَيَجِبُ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى، وَمِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ الدُّخُولِ. اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ إنَّمَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي الْعَارِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ، وَإِنْ كَانَا لَا يُفِيدَانِ مِلْكَ الْعَيْنِ قَطْعًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْأَصْلَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَقَدْ رَوَى الْحَسَنُ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يُمْلَكُ بِهِ شَيْءٌ يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ، وَهَذِهِ تَدُلُّ عَلَى الِانْعِقَادِ بِهِمَا وَرَوَى ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ الْإِمَامِ كُلُّ لَفْظٍ يُمْلَكُ بِهِ الرِّقَابُ يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ، وَهَذِهِ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِهِ فِيهِمَا كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَإِنَّمَا اعْتَمَدَ الْمَشَايِخُ رِوَايَةَ ابْنِ رُسْتُمَ؛ لِأَنَّهَا مُحْكَمَةٌ وَرِوَايَةُ الْحَسَنِ مُحْتَمَلَةٌ فَحُمِلَ الْمُحْتَمَلُ عَلَى الْمُحْكَمِ، وَلَمْ يُقَيِّدْ الْمُصَنِّفُ اللَّفْظَ الْمُفِيدَ لِمِلْكِ الْعَيْنِ بِالنِّيَّةِ، وَلَا بِالْقَرِينَةِ، وَفِيهِ اخْتِلَافٌ فَفِي التَّبْيِينِ لَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ مَعَ ذِكْرِ الْمَهْرِ، وَفِي الْمَبْسُوطِ لَا تُشْتَرَطُ مُطْلَقًا، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ فَهْمِ الشَّاهِدَيْنِ مَقْصُودَهُمَا، وَفِي الْبَدَائِعِ، وَلَوْ أَضَافَ الْهِبَةَ إلَى الْأَمَةِ بِأَنْ قَالَ لِرَجُلٍ، وَهَبْت أَمَتِي هَذِهِ مِنْك فَإِنْ كَانَ الْحَالُ يَدُلُّ عَلَى النِّكَاحِ مِنْ إحْضَارِ الشُّهُودِ وَتَسْمِيَةِ الْمَهْرِ مُؤَجَّلًا، وَمُعَجَّلًا وَنَحْوِ ذَلِكَ يَنْصَرِفُ إلَى النِّكَاحِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْحَالُ دَلِيلًا عَلَى النِّكَاحِ فَإِنْ نَوَى النِّكَاحَ وَصَدَّقَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَكَذَلِكَ وَيَنْصَرِفُ إلَى النِّكَاحِ بِقَرِينَةِ النِّيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ يَنْصَرِفُ إلَى مِلْكِ الرَّقَبَةِ. اهـ.

فَلَمْ يُشْتَرَطْ مَعَ النِّيَّةِ فَهْمُ الشُّهُودِ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أُضِيفَتْ الْهِبَةُ إلَى الْحُرَّةِ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْقَرِينَةِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ قَبُولِ الْمَحَلِّ لِلْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ، وَهُوَ الْمِلْكُ لِلْحُرَّةِ يُوجِبُ الْحَمْلَ عَلَى الْمَجَازِيِّ فَهُوَ الْقَرِينَةُ فَيَكْتَفِي بِهَا الشُّهُودُ حَتَّى لَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِهِ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا لَوْ طَلَبَ مِنْ امْرَأَةٍ الزِّنَا فَقَالَتْ: وَهَبْت نَفْسِي مِنْك فَقَالَ الرَّجُلُ قَبِلْت لَا يَكُونُ نِكَاحًا، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِ أَبِي الْبِنْتِ، وَهَبْتهَا مِنْك لِتَخْدُمَك فَقَالَ: قَبِلْت لَا يَكُونُ نِكَاحًا. اهـ.

قَالَ فِي الْفَتَاوَى: إلَّا إذَا أَرَادَ بِهِ النِّكَاحَ فَالْحَاصِلُ أَنَّ النِّكَاحَ يَنْعَقِدُ بِالْهِبَةِ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ النِّكَاحِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ: وَهَبْت نَفْسِي لَك فَقَالَ الرَّجُلُ أَخَذْت قَالُوا لَا يَكُونُ نِكَاحًا صَحِيحًا، وَإِنَّمَا اُسْتُعِيرَتْ الْهِبَةُ لِلنِّكَاحِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ إلَّا بِالْقَبْضِ؛ لِأَنَّهَا سَبَبٌ مَوْضُوعٌ لِلْمِلْكِ، وَإِنَّمَا تَأَخَّرَ الْقَبْضُ لِضَعْفِ السَّبَبِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي انْعِقَادِهِ بِلَفْظِ الرَّهْنِ قَوْلَانِ) هَذَا مُنَافٍ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْفَتْحِ حَيْثُ جَعَلَهُ مِمَّا لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ الِانْعِقَادِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَالْخُلْعِ) قَالَ: فِي النَّهْرِ أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا لَمْ تُجْعَلْ بَدَلَ الْخَلْعِ فَإِنْ جُعِلَتْ كَمَا إذَا قَالَ: أَجْنَبِيٌّ اخْلَعْ زَوْجَتَك بِبِنْتِي هَذِهِ فَقَبِلَ صَحَّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ فِي الْأَصَحِّ إنْ جُعِلَتْ الْمَرْأَةُ مُسْتَأْجَرَةً أَمَّا إذَا جُعِلَتْ بَدَلَ إجَارَةٍ كَمَا إذَا قَالَ: اسْتَأْجَرْت دَارَك هَذِهِ بِبِنْتِي هَذِهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُخْتَلَفَ فِي جَوَازِهِ؛ لِأَنَّهُ إضَافَةٌ إلَيْهَا بِلَفْظٍ تُمْلَكُ بِهِ الرِّقَابُ (قَوْلُهُ: انْعَقَدَ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَجَازًا عَنْ التَّمْلِيكِ) قَالَ: فِي النَّهْرِ وَارْتَضَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُخْتَلَفَ فِي صِحَّتِهِ حِينَئِذٍ، وَخَالَفَهُمْ فِي الْبَحْرِ فَقَالَ: الْمُعْتَمَدُ الْإِطْلَاقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>