للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ لَهُ بِنْتٌ وَاحِدَةٌ إلَّا إذَا سَمَّاهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا، وَلَمْ يُشِرْ إلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ كَافِي التَّجْنِيسِ فَلَوْ كَانَ لَهُ بِنْتَانِ كُبْرَى وَاسْمُهَا عَائِشَةُ وَصُغْرَى اسْمُهَا فَاطِمَةُ فَأَرَادَ تَزْوِيجَ الْكُبْرَى فَغَلَطَ فَسَمَّاهَا فَاطِمَةَ انْعَقَدَ عَلَى الصُّغْرَى فَلَوْ قَالَ: فَاطِمَةُ الْكُبْرَى لَمْ يَنْعَقِدْ لِعَدَمِ وُجُودِهَا.

وَفِي الذَّخِيرَةِ إذَا كَانَ لِلْمُزَوِّجِ ابْنَةٌ وَاحِدَةٌ وَلِلْقَابِلِ ابْنٌ وَاحِدٌ فَقَالَ: زَوَّجْت ابْنَتِي مِنْ ابْنِك يَجُوزُ النِّكَاحُ، وَإِذَا كَانَ لِلْمُزَوِّجِ ابْنَةٌ وَاحِدَةٌ وَلِلْقَابِلِ ابْنَانِ إنْ سَمَّى الْقَابِلُ الِابْنَ بِاسْمِهِ صَحَّ النِّكَاحُ لِلِابْنِ الْمُسَمَّى، وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يُسَمِّهِ وَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ قَبِلْت يَجُوزُ النِّكَاحُ وَيُجْعَلُ قَوْلُهُ: قَبِلْت جَوَابًا فَيَتَقَيَّدُ بِالْإِيجَابِ، وَلَوْ ذَكَرَ الْقَابِلُ الِابْنَ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُسَمِّهِ بِاسْمِهِ بِأَنْ قَالَ: قَبِلْت لِابْنِي لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ جَوَابًا؛ لِأَنَّهُ زَادَ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ لِلْمَرْأَةِ اسْمَانِ تُزَوَّجُ بِمَا عُرِفَتْ بِهِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْأَصَحُّ عِنْدِي أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الِاسْمَيْنِ وَسَيَأْتِي حُكْمُ مَا إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً مُنْتَقِبَةً، وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ وَكَّلَتْ امْرَأَةٌ رَجُلًا بِأَنْ يُزَوِّجَهَا فَزَوَّجَهَا وَغَلَطَ فِي اسْمِ أَبِيهَا لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ إذَا كَانَتْ غَائِبَةً. اهـ.

وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْمُصَنِّفُ الْفَهْمَ قَالَ: فِي التَّجْنِيسِ، وَلَوْ عَقَدَا عَقْدَ النِّكَاحِ بِلَفْظٍ لَا يَفْهَمَانِ كَوْنَهُ نِكَاحًا هَلْ يَنْعَقِدُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ: بَعْضُهُمْ يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَصْدُ. اهـ.

يَعْنِي بِدَلِيلِ صِحَّتِهِ مَعَ الْهَزْلِ وَظَاهِرُهُ تَرْجِيحُهُ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ أَيْضًا تَمْيِيزُ الرَّجُلِ مِنْ الْمَرْأَةِ وَقْتَ الْعَقْدِ لِلِاخْتِلَافِ لِمَا فِي النَّوَازِلِ فِي صَغِيرَيْنِ قَالَ: أَبُو أَحَدِهِمَا زَوَّجْت بِنْتِي هَذِهِ مِنْ ابْنِك هَذَا، وَقَبِلَ ثُمَّ ظَهَرَ الْجَارِيَةُ غُلَامًا وَالْغُلَامُ جَارِيَةً جَازَ ذَلِكَ.

وَقَالَ الْعَتَّابِيُّ لَا يَجُوزُ، وَفِي الْقُنْيَةِ زَوَّجْت وَتَزَوَّجْت يَصْلُحُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَصِحُّ بِلَفْظِ النِّكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ، وَمَا وُضِعَ لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ فِي الْحَالِ) بَيَانٌ لِانْحِصَارِ اللَّفْظَيْنِ فِيمَا ذُكِرَ أَمَّا انْعِقَادُهُ بِلَفْظِ النِّكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ فَلَا خِلَافَ فِيهِ، وَأَمَّا انْعِقَادُهُ بِمَا وُضِعَ لِتَمْلِيكِ الْأَعْيَانِ فَمَذْهَبُنَا؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ سَبَبٌ لِمِلْكِ الْمُتْعَةِ فِي مَحَلِّهَا بِوَاسِطَةِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ، وَهُوَ الثَّابِتُ بِالنِّكَاحِ فَأُطْلِقَ اسْمُ السَّبَبِ كَالْهِبَةِ وَأُرِيدَ الْمُسَبَّبُ، وَهُوَ مِلْكُ الْمُتْعَةِ، وَإِنْ كَانَ مِلْكُ الْمُتْعَةِ قَصْدِيًّا فِي النِّكَاحِ ضِمْنِيًّا فِي التَّمْلِيكِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ التَّمْلِيكُ بِلَفْظِ النِّكَاحِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ اسْتِعَارَةَ السَّبَبِ لِلْمُسَبَّبِ جَائِزَةٌ مُطْلَقًا، وَعَكْسُهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِشَرْطِ الِاخْتِصَاصِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَلِذَا صَحَّ التَّجَوُّزُ بِلَفْظِ الْعِتْقِ عَنْ الطَّلَاقِ دُونَ عَكْسِهِ وَالْخُلُوصُ فِي قَوْله تَعَالَى {خَالِصَةً لَكَ} [الأحزاب: ٥٠] إنَّمَا هُوَ فِي عَدَمِ الْمَهْرِ لَا فِي الِانْعِقَادِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ كَمَا عُرِفَ فِي الْخِلَافِيَّاتِ فَيَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالْعَطِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْمِلْكِ وَالتَّمْلِيكِ وَالْجُعْلِ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ.

وَأَمَّا بِلَفْظِ السَّلَمِ فَإِنْ جُعِلَتْ الْمَرْأَةُ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ إجْمَاعًا، وَإِنْ جُعِلَتْ مُسَلَّمًا فِيهَا فَفِيهِ اخْتِلَافٌ قِيلَ لَا يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ السَّلَمَ فِي الْحَيَوَانِ لَا يَصِحُّ، وَقِيلَ يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ مِلْكُ الرَّقَبَةِ وَالسَّلَمُ فِي الْحَيَوَانِ يَنْعَقِدُ حَتَّى لَوْ اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ فَإِنَّهُ يُفِيدُ مِلْكَ الرَّقَبَةِ مِلْكًا فَاسِدًا، وَلَيْسَ كُلُّ مَا يُفْسِدُ الْحَقِيقِيَّ يُفْسِدُ مَجَازِيَّهُ وَرَجَّحَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَهُوَ مُقْتَضَى مَا فِي الْمُتُونِ، وَفِي الصَّرْفِ رِوَايَتَانِ، وَقَوْلَانِ قِيلَ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ وُضِعَ لِإِثْبَاتِ مِلْكِ مَا لَا يَتَعَيَّنُ مِنْ النَّقْدِ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ هُنَا مُتَعَيِّنٌ، وَقِيلَ يَنْعَقِدُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ مِلْكُ الْعَيْنِ فِي الْجُمْلَةِ وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُهُ لِدُخُولِهِ تَحْتَ الْكُلِّيَّةِ الَّتِي فِي الْمُخْتَصَرِ، وَكَذَا فِي انْعِقَادِهِ بِلَفْظِ الْقَرْضِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ الِانْعِقَادِ كَمَا فِي الْكَشْفِ والولوالجية

ــ

[منحة الخالق]

الْقَرِينَةُ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّ مُقَدِّمَاتِ الْخِطْبَةِ لَمَّا عَيَّنَتْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا عِنْدَ الْعَاقِدَيْنِ وَالشُّهُودِ ارْتَفَعَتْ الْجَهَالَةُ، وَهُوَ الشَّرْطُ، وَلَمْ يُعَارِضْ الْقَرِينَةَ شَيْءٌ صَرِيحٌ هَذَا مَا ظَهَرَ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: يَجُوزُ النِّكَاحُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ لِابْنِهِ الْمُسَمَّى فِي الْإِيجَابِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَقَدَا عَقْدَ النِّكَاحِ بِلَفْظٍ لَا يَفْهَمَانِ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا أَنَّ هَذَا لَفْظٌ يُعْقَدُ بِهِ النِّكَاحُ فَهَذِهِ جُمْلَةُ مَسَائِلِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالْإِبْرَاءِ عَنْ الْحُقُوقِ وَالْبَيْعِ وَالتَّمْلِيكِ فَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ وَالتَّدْبِيرُ وَاقِعٌ فِي الْحُكْمِ ذَكَرَهُ فِي عَتَاقِ الْأَصْلِ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ، وَإِذَا عُرِفَ الْجَوَابُ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِمَضْمُونِ اللَّفْظِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لِأَجْلِ الْقَصْدِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيمَا يَسْتَوِي فِيهِ الْجَدُّ وَالْهَزْلُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَتَمَامُهُ فِيهَا، وَمِثْلُهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْعَتَّابِيِّ لَا يَجُوزُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ غَالِبُ النَّاسِ عَلَى الْأَوَّلِ حَتَّى إنَّ كَثِيرًا لَمْ يَنْقُلْ قَوْلَ الْعَتَّابِيِّ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا انْعِقَادُهُ بِلَفْظِ النِّكَاحِ إلَخْ) حَاصِلُ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ قِسْمٌ لَا خِلَافَ فِي الِانْعِقَادِ بِهِ فِي الْمَذْهَبِ بَلْ الْخِلَافُ فِي خَارِجِ الْمَذْهَبِ، وَقِسْمٌ فِيهِ خِلَافٌ فِي الْمَذْهَبِ وَالصَّحِيحُ الِانْعِقَادُ، وَقِسْمٌ فِيهِ خِلَافٌ وَالصَّحِيحُ عَدَمُهُ، وَقِسْمٌ لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ الِانْعِقَادِ بِهِ فَالْأَوَّلُ مَا سِوَى لَفْظَيْ النِّكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ مِنْ لَفْظِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالتَّمْلِيكِ وَالْجُعْلِ. وَالثَّانِي الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ. وَالثَّالِثُ الْإِجَارَةُ. وَالرَّابِعُ الْإِبَاحَةُ وَالْإِحْلَالُ وَالْإِعَارَةُ وَالرَّهْنُ وَالتَّمَتُّعُ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَسَيَرِدُ عَلَيْك الْجَمِيعُ مَعَ زِيَادَةٍ عَلَى مَا ذَكَرَ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) قَيْدٌ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ كَمَا عَلِمْت مِنْ كَلَامِ الْفَتْحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>