للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْحُكْمُ الْحُرْمَةَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَلَفْظُ الدَّلِيلِ صَالِحٌ لَهُ كَانَ مُرَادًا مِنْهُ بِلَا شُبْهَةٍ فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ تَابِعٌ لِلنَّصِّ أَوْ الْقِيَاسِ، عَنْ أَحَدِهِمَا يَكُونُ، وَلَوْ كَانَ عَنْ عِلْمٍ ضَرُورِيٍّ يُخْلَقُ لَهُمْ، يَثْبُتُ بِذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ مُرَادٌ مِنْ كَلَامِ الشَّارِعِ إذَا احْتَمَلَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ إنَّ الْآيَةَ تَتَنَاوَلُ مَنْكُوحَةَ الْأَبِ وَطْئًا وَعَقْدًا صَحِيحًا وَإِنْ كَانَ فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ؛ لِأَنَّهُ نَفْيٌ وَفِي النَّفْيِ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا كَمَا يَجُوزُ فِي الْمُشْتَرَكِ أَنْ يَعُمَّ جَمِيعَ مَعَانِيهِ فِي النَّفْيِ اهـ.

ضَعِيفٌ فِي الْأُصُولِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لَا فِي النَّفْيِ وَلَا فِي الْإِثْبَاتِ وَلَا عُمُومَ لِلْمُشْتَرَكِ مُطْلَقًا قَالَ الْأَكْمَلُ فِي التَّقْرِيرِ وَالْحَقُّ أَنَّ النَّفْيَ لَمَّا اقْتَضَاهُ الْإِثْبَاتُ فَإِنْ اقْتَضَى الْإِثْبَاتُ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ فَالنَّفْيُ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا.

وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْيَمِينِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَبْسُوطِ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ مَوْلَاك وَلَهُ أَعْلَوْنَ وَأَسْفَلُونَ أَيُّهُمْ كَلَّمَ حَنِثَ فَلَيْسَ بِاعْتِبَارِ عُمُومِ الْمُشْتَرَكِ فِي النَّفْيِ كَمَا تَوَهَّمَهُ الْبَعْضُ، وَإِنَّمَا هُوَ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْكَلَامِ مَتْرُوكَةٌ بِدَلَالَةِ الْيَمِينِ إلَى مَجَازٍ يَعُمُّهُمَا وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُوَالِي مَنْ تَعَلَّقَ بِهِ عِتْقٌ وَهُوَ بِعُمُومِهِ يَتَنَاوَلُ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلَ اهـ.

لَكِنْ اخْتَارَ الْمُحَقِّقُ فِي التَّحْرِيرِ أَنَّهُ يَعُمُّ فِي النَّفْيِ؛ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي النَّفْيِ وَالْمَنْفِيُّ مَا سُمِّيَ بِاللَّفْظِ وَتَمَامُ تَحْقِيقِهِ فِي الْأُصُولِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوْلَى أَنَّ النِّكَاحَ فِي الْآيَةِ لِلْعَقْدِ كَمَا هُوَ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ وَيُسْتَدَلُّ لِثُبُوتِ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ بِالْوَطْءِ الْحَرَامِ بِدَلِيلٍ آخَرَ وَفِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ لَهُ جَارِيَةٌ، فَقَالَ قَدْ وَطِئْتهَا لَا تَحِلُّ لِابْنِهِ وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ، فَقَالَ قَدْ وَطِئْتهَا، يَحِلُّ لِابْنِهِ أَنْ يُكَذِّبَهُ وَيَطَأَهَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يَشْهَدُ لَهُ وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً مِنْ مِيرَاثِ أَبِيهِ يَسَعُهُ أَنْ يَطَأَهَا حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ الْأَبَ وَطِئَهَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَلَمَّا أَرَادَ مُجَامَعَتَهَا وَجَدَهَا مُفْتَضَّةً، قَالَ لَهَا: مَنْ افْتَضَّك؟ فَقَالَتْ: أَبُوك إنْ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ بَانَتْ مِنْهُ وَلَا مَهْرَ لَهَا وَإِنْ كَذَّبَهَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ اهـ.

، وَأَمَّا حَلِيلَةُ الِابْنِ فَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} [النساء: ٢٣] فَإِنْ اُعْتُبِرَتْ الْحَلِيلَةُ مِنْ حُلُولِ الْفِرَاشِ أَوْ حَلِّ الْإِزَارِ تَنَاوَلَتْ الْمَوْطُوءَةَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَوْ شُبْهَةٍ أَوْ زِنًى فَيَحْرُمُ الْكُلُّ عَلَى الْآبَاءِ وَهُوَ الْحُكْمُ الثَّابِتُ عِنْدَنَا وَلَا يَتَنَاوَلُ الْمَعْقُودَ عَلَيْهَا لِلِابْنِ أَوْ بَنِيهِ وَإِنْ سَفَلُوا قَبْلَ الْوَطْءِ.

وَالْفَرْضُ أَنَّهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ تَحْرُمُ عَلَى الْآبَاءِ وَذَلِكَ بِاعْتِبَارِهِ مِنْ الْحِلِّ بِكَسْرِ الْحَاءِ، وَقَدْ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى حُرْمَةِ الْمَزْنِيِّ بِهَا لِلِابْنِ عَلَى الْأَبِ فَيَجِبُ اعْتِبَارُهُ فِي أَعَمَّ مِنْ الْحِلِّ، وَالْحِلُّ ثَمَّ يُرَادُ بِالْأَبْنَاءِ الْفُرُوعِ فَتَحْرُمُ حَلِيلَةُ الِابْنِ السَّافِلِ عَلَى الْجَدِّ الْأَعْلَى، وَكَذَا حَلِيلَةُ ابْنِ الْبِنْتِ وَإِنْ سَفَلَ وَكَمَا تَحْرُمُ حَلِيلَةُ الِابْنِ مِنْ النَّسَبِ تَحْرُمُ حَلِيلَةُ الِابْنِ مِنْ الرَّضَاعِ، وَذِكْرُ الْأَصْلَابِ فِي الْآيَةِ لِإِسْقَاطِ حَلِيلَةِ الِابْنِ الْمُتَبَنَّى كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَلِيلَةَ الزَّوْجَةُ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ فَتَحْرُمُ زَوْجَةُ الِابْنِ عَلَى الْأَبِ مُطْلَقًا بِالْآيَةِ، وَأَمَّا حُرْمَةُ مَنْ وَطِئَهَا مِمَّنْ لَيْسَ بِزَوْجَةٍ فَبِدَلِيلٍ آخَرَ وَكَوْنُهَا مِنْ حُلُولِ الْفِرَاشِ لَا يَقْتَضِي تَنَاوُلَهَا لِلْمَوْطُوءَةِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَغَيْرِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قَيْدِ الزَّوْجِيَّةِ فَإِنَّ صَاحِبَ الْمُغْرِبِ فَسَّرَهَا بِالزَّوْجَةِ، ثُمَّ قَالَ؛ لِأَنَّهَا تُحِلُّ زَوْجَهَا فِي فِرَاشٍ.

(قَوْلُهُ وَالْكُلُّ رَضَاعًا) بَيَانٌ لِلنَّوْعِ الثَّالِثِ وَهُوَ أَنَّ مَا يَحْرُمُ بِالنَّسَبِ وَالصِّهْرِيَّةِ يَحْرُمُ بِالرَّضَاعِ لِلْآيَةِ وَالْحَدِيثِ حَتَّى لَوْ أَرْضَعَتْ امْرَأَةٌ صَبِيًّا حُرِّمَ عَلَيْهِ زَوْجَةُ زَوْجِ الظِّئْرِ الَّذِي نَزَلَ لَبَنُهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا امْرَأَةُ أَبِيهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَيَحْرُمُ عَلَى زَوْجِ الظِّئْرِ امْرَأَةُ هَذَا الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهَا امْرَأَةُ ابْنِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَفِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ: وَهَذَا يَشْمَلُ عِدَّةَ أَقْسَامٍ كَبِنْتِ الْأُخْتِ مَثَلًا تَشْمَلُ الْبِنْتَ الرَّضَاعِيَّةَ لِلْأُخْتِ النَّسَبِيَّةِ وَالْبِنْتَ النَّسَبِيَّةَ لِلْأُخْتِ الرَّضَاعِيَّةِ وَالْبِنْتَ الرَّضَاعِيَّةَ لِلْأُخْتِ الرَّضَاعِيَّةِ اهـ.

وَلَمْ يَسْتَثْنِ الْمُصَنِّفُ هُنَا شَيْئًا وَاسْتَثْنَى فِي كِتَابِ الرَّضَاعِ أُمَّ أَخِيهِ وَأُخْتَ ابْنِهِ وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ حُرِّمَ فِي النَّسَبِ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِيهِمَا وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ إحْدَى وَعِشْرِينَ صُورَةً وَجَمَعَهَا فِي قَوْلِهِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ تَابِعٌ لِلنَّصِّ أَوْ الْقِيَاسِ، عَنْ أَحَدِهِمَا يَكُونُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ النَّصِّ أَوْ الْقِيَاسِ الْمَأْخُوذِ مِنْ النَّصِّ فَافْهَمْ اهـ.

فَقَوْلُهُ عَنْ أَحَدِهِمَا يَكُونُ أَيْ يُوجَدُ وَيَنْشَأُ بَيَانٌ لِلتَّبَعِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الْأَصْلَابَ فِي الْآيَةِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَالُوا لَا يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْءِ زَوْجَةُ مَنْ تَبَنَّاهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِابْنٍ لَهُ وَلَا تَحْرُمُ بِنْتُ زَوْجِ الْأُمِّ وَلَا أُمُّهُ وَلَا أُمُّ زَوْجَةِ الْأَبِ وَلَا بِنْتُهَا وَلَا أُمُّ زَوْجَةِ الِابْنِ وَلَا بِنْتُهَا وَلَا زَوْجَةُ الرَّبِيبِ وَلَا زَوْجَةُ الرَّابِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>