للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُفَارِقُ النَّسَبُ الْإِرْضَاعَ فِي صُوَرْ ... كَأُمٍّ نَافِلَةً أَوْ جَدَّةِ الْوَلَدْ

وَأُمِّ عَمٍّ وَأُخْتِ ابْنٍ وَأُمِّ أَخْ ... وَأُمِّ خَالٍ وَعَمَّةِ ابْنٍ اعْتَمَدْ

؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ السَّبْعِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُضَافُ رَضَاعِيًّا وَالْمُضَافُ إلَيْهِ نَسَبِيًّا أَوْ عَكْسَهُ أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا رَضَاعِيًّا فَيَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ أُمِّ أَخِيهِ رَضَاعًا سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُمُّ رَضَاعِيَّةً وَحْدَهَا أَوْ نَسَبِيَّةً وَحْدَهَا أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا رَضَاعِيًّا، وَكَذَا فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ.

(قَوْلُهُ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ نِكَاحًا وَوَطْئًا بِمِلْكِ يَمِينٍ) بَيَانٌ لِلنَّوْعِ الرَّابِعِ وَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَحَارِمِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} [النساء: ٢٣] ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِلْحَدِيثِ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَجْمَعَنَّ مَاءَهُ فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ» وَلَيْسَ حُرْمَةُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا لِقَطْعِ الرَّحِمِ لِمَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَا يَجْمَعُ الرَّجُلُ بَيْنَ أُخْتَيْنِ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَلَا بَيْنَ امْرَأَةٍ وَابْنَةِ أُخْتِهَا أَوْ ابْنَةِ أَخِيهَا، وَكَذَلِكَ كُلُّ امْرَأَةٍ ذَاتِ مَحْرَمٍ مِنْهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ لِلْأَصْلِ الَّذِي بَيَّنَّا أَنَّ كُلَّ امْرَأَتَيْنِ لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا ذَكَرًا وَالْأُخْرَى أُنْثَى لَمْ يَجُزْ لِلذَّكَرِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأُنْثَى فَإِنَّهُ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِالْقِيَاسِ عَلَى حُرْمَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فَكَذَلِكَ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ حُرْمَةَ هَذَا الْجَمْعِ لَيْسَ لِقَطِيعَةِ الرَّحِمِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الرَّضِيعَيْنِ رَحِمٌ، وَحُرْمَةُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا ثَابِتَةٌ اهـ.

وَسَيَأْتِي حَدِيثٌ يَرُدُّهُ فَلَوْ قَدَّمُوا حُرْمَةَ الْجَمْعِ عَلَى قَوْلِهِمْ وَالْكُلُّ رَضَاعًا لَكَانَ أَوْلَى كَمَا لَا يَخْفَى، وَتَفَرَّعَ عَلَى عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ نَسَبًا وَرَضَاعًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ رَضِيعَتَانِ أَرْضَعَتْهُمَا أَجْنَبِيَّةٌ فَسَدَ نِكَاحُهُمَا وَالْمُرَادُ بِالنِّكَاحِ فِي الْمُخْتَصَرِ الْعَقْدُ وَقَوْلُهُ بِمِلْكِ يَمِينٍ مُتَعَلِّقٌ بِالْوَطْءِ فَأَفَادَ أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مِلْكًا بِدُونِ الْوَطْءِ.

(قَوْلُهُ فَلَوْ تَزَوَّجَ أُخْتَ أَمَتِهِ الْمَوْطُوءَةِ لَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا حَتَّى يَبِيعَهَا) بَيَانٌ لِشَيْئَيْنِ، أَحَدُهُمَا صِحَّةُ نِكَاحِ الْأُخْتِ مَعَ كَوْنِ أُخْتِهَا مَوْطُوءَةً لَهُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ لِصُدُورِهِ مِنْ أَهْلِهِ مُضَافًا إلَى مَحَلِّهِ، وَأُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَنْكُوحَةَ مَوْطُوءَةٌ حُكْمًا بِاعْتِرَافِكُمْ فَيَصِيرُ بِالنِّكَاحِ جَامِعًا وَطْئًا حُكْمًا وَهُوَ بَاطِلٌ، وَجَوَابُهُ: أَنَّ لُزُومَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَطْئًا حُكْمًا لَيْسَ بِلَازِمٍ؛ لِأَنَّ بِيَدِهِ إزَالَتَهُ فَلَا يَضُرُّ بِالصِّحَّةِ وَيُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ بَعْدَهَا لِقِيَامِهِ إذْ ذَاكَ أَطْلَقَ فِي الْأُخْتِ الْمُتَزَوِّجَةِ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ أَمَةً أَوْ حُرَّةً، ثَانِيهِمَا: حُرْمَةُ وَطْءِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَتَّى يَبِيعَهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَامَعَ الْمَنْكُوحَةَ يَصِيرُ جَامِعًا بَيْنَهُمَا وَطْئًا حَقِيقَةً وَلَوْ جَامَعَ الْمَمْلُوكَةَ يَصِيرُ جَامِعًا بَيْنَهُمَا حَقِيقَةً، وَحُكْمًا وَالْمُرَادُ بِالْبَيْعِ أَنَّهُ يُحَرِّمُ الْمَوْطُوءَةَ عَلَى نَفْسِهِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ فَحِينَئِذٍ يَطَأُ الْمَنْكُوحَةَ لِعَدَمِ الْجَمْعِ كَالْبَيْعِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَالتَّزْوِيجِ الصَّحِيحِ وَالْهِبَةِ مَعَ التَّسْلِيمِ وَالْإِعْتَاقِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَالْكِتَابَةِ، وَأَمَّا التَّزْوِيجُ الْفَاسِدُ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ إلَّا إذَا دَخَلَ بِهَا فَتَحْرُمُ حِينَئِذٍ الْمَوْطُوءَةُ لِوُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا فَتَحِلُّ حِينَئِذٍ الْمَنْكُوحَةُ، وَكَذَا الْمُرَادُ بِالتَّزْوِيجِ فِي الْمُخْتَصَرِ النِّكَاحُ الصَّحِيحُ فَلَوْ تَزَوَّجَ الْأُخْتَ نِكَاحًا فَاسِدًا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ أَمَتُهُ الْمَوْطُوءَةُ إلَّا إذَا دَخَلَ بِالْمَنْكُوحَةِ فَحِينَئِذٍ تَحْرُمُ الْمَوْطُوءَةُ لِوُجُودِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا حَقِيقَةً وَلَا يُؤَثِّرُ الْإِحْرَامُ وَالْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ وَالصَّوْمُ، وَكَذَا الرَّهْنُ وَالْإِجَارَةُ وَالتَّدْبِيرُ؛ لِأَنَّ فَرْجَهَا لَا يَحْرُمُ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ مِنْ فَصْلِ الِاسْتِبْرَاءِ، وَإِذَا عَادَتْ الْمَوْطُوءَةُ إلَى مِلْكِهِ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ سَوَاءٌ كَانَ بِفَسْخٍ أَوْ بِشِرَاءٍ جَدِيدٍ لَمْ يَحِلَّ وَطْءُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ الْأَمَةَ عَلَى نَفْسِهِ بِسَبَبٍ كَمَا كَانَ أَوَّلًا، وَأَطْلَقَ فِي الْأَمَةِ فَشَمِلَ أُمَّ الْوَلَدِ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَقَيَّدَ بِكَوْنِهَا مَوْطُوءَةً؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَهَا جَازَ لَهُ وَطْءُ الْمَنْكُوحَةِ؛ لِأَنَّ الْمَرْقُوقَةَ لَيْسَتْ بِمَوْطُوءَةٍ حُكْمًا فَلَمْ يَصِرْ جَامِعًا بَيْنَهُمَا وَطْئًا لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ جَارِيَةً وَلَمْ يَطَأْهَا حَتَّى مَلَكَ أُخْتَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطَأَ الْمُشْتَرَاةَ؛ لِأَنَّ الْمَنْكُوحَةَ مَوْطُوءَةٌ حُكْمًا وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ مَلَكَ أُخْتَيْنِ لَهُ أَنْ يَطَأَ إحْدَاهُمَا فَإِذَا وَطِئَ إحْدَاهُمَا لَيْسَ لَهُ وَطْءُ الْأُخْرَى بَعْدَ ذَلِكَ وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ مَلَكَ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا ثُمَّ مَلَكَ أُخْتَهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَطَأَ الْأُولَى وَلَيْسَ لَهُ وَطْءُ الْأُخْرَى مَا لَمْ يُحَرِّمْ فَرْجَ الْأُولَى

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي حَدِيثٌ يَرُدُّهُ) أَيْ يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبَيْنَ امْرَأَتَيْنِ حَدِيثٌ يَرُدُّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ أَنَّ حُرْمَةَ الْجَمْعِ لَيْسَ لِقَطِيعَةِ الرَّحِمِ وَالْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الرَّضِيعَيْنِ رَحِمٌ إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَنْكُوحَةَ مَوْطُوءَةٌ حُكْمًا) أَيْ بِدَلِيلِ ثُبُوتِ نَسَبِ وَلَدِهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ حَتَّى لَوْ نَكَحَ مَشْرِقِيٌّ مَغْرِبِيَّةً ثَبَتَ نَسَبُ أَوْلَادِهَا مِنْهُ (قَوْلُهُ فَيَصِيرُ بِالنِّكَاحِ جَامِعًا وَطْئًا) أَمَّا فِي الْمَنْكُوحَةِ فَلِمَا قُلْنَا، وَأَمَّا فِي الْأَمَةِ فَلِأَنَّ حُكْمَ الْوَطْءِ الْأَوَّلِ قَائِمٌ حَتَّى نُدِبَ لَهُ عِنْدَ إرَادَةِ بَيْعِهَا اسْتِبْرَاؤُهَا كَذَا فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْبَيْعِ أَنَّهُ يُحَرِّمُ الْمَوْطُوءَةَ عَلَى نَفْسِهِ بِسَبَبٍ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَلَمْ أَرَ فِي كَلَامِهِمْ مَا لَوْ بَاعَهَا بَيْعًا فَاسِدًا أَوْ وَهَبَهَا كَذَلِكَ وَقُبِضَتْ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحِلُّ وَطْءُ الْمَنْكُوحَةِ. اهـ.

قُلْتُ:، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْهِبَةَ الْفَاسِدَةَ تُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ وَهُوَ الَّذِي بِهِ يُفْتَى كَمَا فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهَا عَلَى خِلَافِ مَا صَحَّحَهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا التَّزْوِيجُ الْفَاسِدُ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>