للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ اخْتِيَارٍ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ أَخَذَهَا الْعُطَاسُ أَوْ السُّعَالُ حِينَ أَخْبَرَتْ فَلَمَّا ذَهَبَ الْعُطَاسُ أَوْ السُّعَالُ قَالَتْ لَا أَرْضَى صَحَّ رَدُّهَا، وَكَذَا لَوْ أَخَذَ فَمَهَا ثُمَّ تَرَكَ، فَقَالَتْ لَا أَرْضَى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ السُّكُوتَ كَانَ عَنْ اضْطِرَارٍ، وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ عَالِمَةً بِحُكْمِهِ أَوْ جَاهِلَةً وَشَمِلَ مَا إذَا اسْتَأْذَنَهَا لِنَفْسِهِ لِمَا فِي الْجَوَامِعِ لَوْ اسْتَأْذَنَ بِنْتَ عَمِّهِ لِنَفْسِهِ وَهِيَ بِكْرٌ بَالِغَةٌ فَسَكَتَتْ فَزَوَّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ وَكِيلًا بِسُكُوتِهَا اهـ.

وَقَيَّدَ بِالسُّكُوتِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ رَدَّتْهُ ارْتَدَّ وَقَوْلُهَا لَا أُرِيدُ الزَّوْجَ أَوْ لَا أُرِيدُ فُلَانًا سَوَاءٌ فِي أَنَّهُ رَدٌّ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ التَّزْوِيجِ أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ قَالَتْ بَعْدَ الِاسْتِئْمَارِ: غَيْرُهُ أَوْلَى مِنْهُ فَلَيْسَ بِإِذْنٍ وَهُوَ إجَازَةٌ بَعْدَ الْعَقْدِ، كَمَا فِيهَا أَيْضًا. وَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْإِذْنَ وَعَدَمَهُ فَقَبْلَ النِّكَاحِ لَمْ يَكُنْ النِّكَاحُ فَلَا يَجُوزُ بِالشَّكِّ وَبَعْدَ النِّكَاحِ كَانَ فَلَا يَبْطُلُ بِالشَّكِّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ نِكَاحًا إلَّا بَعْدَ الصِّحَّةِ وَهُوَ بَعْدَ الْإِذْنِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِذْنٍ، فِيهِمَا وَقَوْلُهَا " ذَلِكَ إلَيْك " إذْنٌ مُطْلَقًا بِخِلَافِ قَوْلِهَا أَنْتَ أَعْلَمُ أَوْ أَنْتَ بِالْمَصْلَحَةِ أَخْبَرُ وَبِالْأَحْسَنِ أَعْلَمُ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَأَرَادَ بِالسُّكُوتِ السُّكُوتَ عَنْ الرَّدِّ لَا مُطْلَقَ السُّكُوتِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَلَغَهَا الْخَبَرُ فَتَكَلَّمَتْ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ فَهُوَ سُكُوتٌ هُنَا فَيَكُونُ إجَازَةً فَلَوْ قَالَتْ الْحَمْدُ لِلَّهِ اخْتَرْت نَفْسِي أَوْ قَالَتْ هُوَ دَبَّاغٌ لَا أُرِيدُهُ فَهَذَا كَلَامٌ وَاحِدٌ فَكَانَ رَدًّا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ

وَأَطْلَقَ فِي الضَّحِكِ فَشَمِلَ التَّبَسُّمَ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا إذَا ضَحِكَتْ مُسْتَهْزِئَةً فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إذْنًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَضَحِكُ الِاسْتِهْزَاءِ لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ يَحْضُرُهُ؛ لِأَنَّ الضَّحِكَ إنَّمَا جُعِلَ إذْنًا لِدَلَالَتِهِ عَلَى الرِّضَا فَإِذَا لَمْ يَدُلَّ عَلَى الرِّضَا لَمْ يَكُنْ إذْنًا، وَأَطْلَقَ فِي الِاسْتِئْذَانِ فَانْصَرَفَ إلَى الْكَامِلِ وَهُوَ بِأَنْ يُسَمِّيَ لَهَا الزَّوْجَ عَلَى وَجْهٍ يَقَعُ لَهَا بِهِ الْمَعْرِفَةُ وَيُسَمِّيَ لَهَا الْمَهْرَ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ لِتَظْهَرَ رَغْبَتُهَا فِيهِ مِنْ رَغْبَتِهَا عَنْهُ فَلَوْ قَالَ أُزَوِّجُك مِنْ رَجُلٍ فَسَكَتَتْ لَا يَكُونُ إذْنًا فَلَوْ سَمَّى فُلَانًا أَوْ فُلَانًا فَسَكَتَتْ فَلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ، وَكَذَا لَوْ سَمَّى جَمَاعَةً مُجْمِلًا فَإِنْ كَانُوا يُحْصَوْنَ فَهُوَ رِضًا نَحْوُ مِنْ جِيرَانِي أَوْ بَنِي عَمِّي وَهُمْ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ نَحْوُ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَلَيْسَ بِرِضًا كَمَا فِي الْمُحِيطِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تُفَوِّضْ الْأَمْرَ إلَيْهِ أَمَّا إذَا قَالَتْ أَنَا رَاضِيَةٌ بِمَا تَفْعَلُهُ أَنْت بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ أَقْوَامًا يَخْطُبُونَك أَوْ زَوِّجْنِي مِمَّنْ تَخْتَارُهُ وَنَحْوُهُ فَهُوَ اسْتِئْذَانٌ صَحِيحٌ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَيْسَ لَهُ بِهَذَا الْمَقَالَةِ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ رَجُلٍ رَدَّتْ نِكَاحَهُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْعُمُومِ غَيْرُهُ كَالتَّوْكِيلِ بِتَزْوِيجِ امْرَأَةٍ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُزَوِّجَهُ مُطَلَّقَتَهُ إذَا كَانَ الزَّوْجُ قَدْ شَكَا مِنْهَا لِلْوَكِيلِ وَأَعْلَمَهُ بِطَلَاقِهَا كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَأَمَّا الثَّانِي فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ مُصَحَّحَةٍ: قِيلَ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْمَهْرِ فِي الِاسْتِئْذَانِ؛ لِأَنَّ لِلنِّكَاحِ صِحَّةً بِدُونِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَقِيلَ يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ؛ لِأَنَّ رَغْبَتَهَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الصَّدَاقِ فِي الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّهُ الْأَوْجَهُ وَتَفَرَّعَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَهْرَ لَهَا قَالُوا إنْ وَهَبَهَا مِنْ رَجُلٍ نَفَذَ نِكَاحُهُ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِنِكَاحٍ لَا تَسْمِيَةَ فِيهِ وَالنِّكَاحُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ وَإِنْ زَوَّجَهَا بِمَهْرٍ مُسَمًّى لَا يَنْعَقِدُ نِكَاحُ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهَا مَا رَضِيَتْ بِتَسْمِيَةِ الْوَلِيِّ فَلَا يَنْعَقِدُ نِكَاحُ الْوَلِيِّ إلَّا بِإِجَازَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الِاشْتِرَاطِ أَنْ لَا يَصِحَّ الِاسْتِئْذَانُ إذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فَلَمْ يَصِحَّ

ــ

[منحة الخالق]

الْأَبِ بَرِيءَ وَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَأْخُذَ الزَّوْجَ بِالْمَهْرِ إلَّا بِوَكَالَةٍ مِنْهَا اهـ. فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ جَازَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ وَكِيلًا بِسُكُوتِهَا) أَمَّا لَوْ زَوَّجَهَا لِنَفْسِهِ فَبَلَغَهَا الْخَبَرُ فَسَكَتَتْ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ وَرَقَةٍ. (قَوْلُهُ كَمَا فِيهَا أَيْضًا) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى الذَّخِيرَةِ ثُمَّ إنَّ ذِكْرَ قَوْلِهِ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا إلَى قَوْلِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ عَقِبَ قَوْلِهِ كَمَا فِيهَا أَيْضًا ثُمَّ إعْقَابُهُ بِقَوْلِهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ إلَخْ كَمَا فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ أَحْسَنُ مِمَّا فِي عَامَّةِ النُّسَخِ حَيْثُ ذَكَرَ فِيهَا بَعْدَ قَوْلِهِ كَمَا فِيهَا أَيْضًا وَأَرَادَ بِالسُّكُوتِ إلَى قَوْلِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ ثُمَّ قَوْلُهُ وَقَوْلُهَا ذَلِكَ إلَيْك إلَى قَوْلِهِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ثُمَّ قَوْلُهُ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا ثُمَّ قَوْلُهُ وَهُوَ مُشْكِلٌ. (قَوْلُهُ وَقَوْلُهَا ذَلِكَ إلَيْك إذْنٌ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُذْكَرُ لِلتَّوْكِيلِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُذْكَرُ لِلتَّعْرِيضِ بِعَدَمِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ كَذَا فِي الْفَتْحِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ نِكَاحًا إلَخْ) أَصْلُ الْإِشْكَالِ لِصَاحِبِ الْفَتْحِ، وَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ فِي الرَّمْزِ بِقَوْلِهِ: وَيُجَابُ بِأَنَّ الْعَقْدَ إذَا وَقَعَ وَوَرَدَ بَعْدَهُ مَا يَحْتَمِلُ كَوْنَهُ تَقْرِيرًا لَهُ وَكَوْنَهُ رَدًّا تَرَجَّحَ بِوُقُوعِهِ احْتِمَالَ التَّقْرِيرِ وَإِذَا وَرَدَ قَبْلَهُ مَا يَحْتَمِلُ الْإِذْنَ وَعَدَمَهُ تَرَجَّحَ الرَّدُّ لِعَدَمِ وُقُوعِهِ فَيَمْنَعُ مِنْ إيقَاعِهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْإِذْنِ فِيهِ.

(قَوْلُهُ قَالُوا إنْ وَهَبَهَا مِنْ رَجُلٍ) قَالَ فِي الْفَتْحِ يَعْنِي فَوَّضَهَا اهـ وَعَزَا الْمَسْأَلَةَ إلَى التَّجْنِيسِ مُعَلَّلَةً بِأَنَّهُ إذَا وَهَبَهَا فَتَمَامُ الْعَقْدِ بِالزَّوْجِ وَالْمَرْأَةُ عَالِمَةٌ بِهِ وَإِذَا سَمَّى مَهْرًا فَتَمَامُهُ بِهِ أَيْضًا، ثُمَّ قَالَ وَهُوَ فَرْعُ اشْتِرَاطِ التَّسْمِيَةِ فِي كَوْنِ السُّكُوتِ الرِّضَا وَيَجِبُ كَوْنُ الْجَوَابِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مُقَيَّدًا بِمَا إذَا عَلِمَتْ بِالتَّفْوِيضِ تَفْرِيعًا عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ قَالَ فِي النَّهْرِ وَبِهِ انْدَفَعَ إشْكَالُ الْبَحْرِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الِاشْتِرَاطِ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّمْزِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الَّذِي رَضِيَتْ بِهِ لَمْ يُوجَدْ وَمَا وُجِدَ إنْ لَمْ تَرْضَ بِهِ أَوْ لَا فَإِجَازَتُهَا كَافِيَةٌ فِي نَفَاذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>