للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ لَهُمَا الْخِيَارُ إذَا عَقَلَا فِي تَزْوِيجِ غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَلَا خِيَارَ لَهُمَا فِيهِمَا وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُمَا فِي تَزْوِيجِ الِابْنِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَبِ فِي التَّزْوِيجِ وَأَفَادَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْحُرِّ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْأَبِ إنَّمَا هِيَ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا الصَّغِيرُ وَالصَّغِيرَةُ الْمَرْقُوقَانِ إذَا زَوَّجَهُمَا الْمَوْلَى ثُمَّ أَعْتَقَهُمَا ثُمَّ بَلَغَا فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُمَا خِيَارُ الْبُلُوغِ لِكَمَالِ وِلَايَةِ الْمَوْلَى فَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَلِأَنَّ خِيَارَ الْعِتْقِ يُغْنِي عَنْهُ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ أَمَته الصَّغِيرَةَ أَوَّلًا ثُمَّ زَوَّجَهَا ثُمَّ بَلَغَتْ فَإِنَّ لَهَا خِيَارَ الْبُلُوغِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ خِيَارُ الْفَسْخِ بِالْبُلُوغِ فِي غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَالِابْنِ وَالْمَوْلَى لَكَانَ أَوْلَى وَأَشْمَلَ، وَيَدْخُلُ تَحْتَ غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ: الْأُمُّ وَالْقَاضِي عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُمَا مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ وِلَايَةِ الْأَخِ وَالْعَمِّ فَإِذَا ثَبَتَ الْخِيَارُ فِي الْحَاجِبِ فَفِي الْمَحْجُوبِ أَوْلَى، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْفَسْخِ لِيُفِيدَ أَنَّ هَذِهِ الْفُرْقَةَ فَسْخٌ لَا طَلَاقٌ فَلَا يَنْقُصُ عَدَدُهُ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ مِنْ الْأُنْثَى وَلَا طَلَاقَ إلَيْهَا، وَكَذَا بِخِيَارِ الْعِتْقِ لِمَا بَيَّنَّاهُ، وَكَذَا الْفُرْقَةُ بِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ أَوْ نُقْصَانِ الْمَهْرِ فَسْخٌ بِخِلَافِ خِيَارِ الْمُخَيَّرَةِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ هُوَ الَّذِي مَلَكَهَا وَهُوَ مَالِكٌ لِلطَّلَاقِ وَفِي التَّبْيِينِ وَلَا يُقَالُ النِّكَاحُ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ فَلَا يَسْتَقِيمُ جَعْلُهُ فَسْخًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمَعْنَى بِقَوْلِنَا لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بَعْدَ التَّمَامِ وَهُوَ النِّكَاحُ الصَّحِيحُ النَّافِذُ اللَّازِمُ

وَأَمَّا قَبْلَ التَّمَامِ فَيَحْتَمِلُ الْفَسْخَ وَتَزْوِيجُ الْأَخِ وَالْعَمِّ صَحِيحٌ نَافِذٌ لَكِنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ فَيَقْبَلُ الْفَسْخَ اهـ وَيَرِدُ عَلَيْهِ ارْتِدَادُ أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ فَسْخٌ اتِّفَاقًا وَهُوَ بَعْدَ التَّمَامِ، وَكَذَا إبَاؤُهَا عَنْ الْإِسْلَامِ بَعْدَ إسْلَامِهِ فَإِنَّهُ فَسْخٌ اتِّفَاقًا وَهُوَ بَعْدَ التَّمَامِ، وَكَذَا مِلْكُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ فَالْحَقُّ أَنَّهُ يَقْبَلُ الْفَسْخَ مُطْلَقًا إذَا وُجِدَ مَا يَقْتَضِيهِ شَرْعًا وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْعِدَّةِ إذَا كَانَتْ هَذِهِ الْفُرْقَةُ بَعْدَ الدُّخُولِ أَيْ الصَّرِيحِ أَوْ لَا لِكُلٍّ وَجْهٌ، وَالْأَوْجَهُ الْوُقُوعُ. اهـ.

. وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْوُقُوعِ لِمَا فِي النِّهَايَةِ مِنْ بَابِ نِكَاحِ أَهْلِ الشِّرْكِ مَعْزِيًّا إلَى الْمُحِيطِ: الْأَصْلُ أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ بِعِدَّةِ الطَّلَاقِ يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ آخَرُ فِي الْعِدَّةِ وَالْمُعْتَدَّةَ بِعِدَّةِ الْفَسْخِ لَا يَلْحَقُهَا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُمَا فِي تَزْوِيجِ الِابْنِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ ذِكْرِ الْعَصَبَاتِ مَرَّتَيْنِ وَكُلُّ هَؤُلَاءِ يَثْبُتُ لَهُمْ وِلَايَةُ الْإِجْبَارِ عَلَى الْبِنْتِ وَالذَّكَرِ فِي حَالِ صِغَرِهِمَا وَحَالِ كِبَرِهِمَا إذَا جُنَّا: مَثَلًا غُلَامٌ بَلَغَ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ فَزَوَّجَهُ أَبُوهُ وَهُوَ رَجُلٌ جَازَ إذَا كَانَ مُطْبِقًا فَإِذَا أَفَاقَ فَلَا خِيَارَ لَهُ وَإِنْ زَوَّجَهُ أَخُوهُ فَأَفَاقَ فَلَهُ الْخِيَارُ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَلِأَنَّ خِيَارَ الْعِتْقِ يُغْنِي عَنْهُ) هَذَا فِي حَقِّ الْأُنْثَى أَمَّا الذَّكَرُ فَلَيْسَ لَهُ خِيَارُ الْعِتْقِ بَلْ هُوَ لَهَا فَقَطْ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَتَوَارَثَا قَبْلَ الْفَسْخِ، وَالتَّقْيِيدُ بِالصَّغِيرَةِ لَا مَفْهُومَ لَهُ فَإِنَّ الْكَبِيرَةَ كَذَلِكَ لَهَا خِيَارُ الْعِتْقِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ نِكَاحِ الرَّقِيقِ لَكِنْ لَمَّا تُوُهِّمَ فِي الصَّغِيرَةِ أَنَّ لَهَا خِيَارَ الْبُلُوغِ قَصَرَ الْبَيَانَ عَلَيْهَا، قَالَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ. (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ الصَّغِيرَةَ) تَخْصِيصُ كَوْنِهَا أُنْثَى بِالذِّكْرِ لَا مَفْهُومَ لَهُ؛ لِأَنَّ الذَّكَرَ كَذَلِكَ لَهُ خِيَارُ الْبُلُوغِ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ هُنَاكَ أَيْضًا. (قَوْلُهُ وَيَرِدُ عَلَيْهِ ارْتِدَادُ أَحَدِهِمَا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: مُرَادُهُ بِالْفَسْخِ مَا كَانَ مَقْصُودًا مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ وَهُوَ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ الصُّورَةِ لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ تَابِعٌ لَازِمٌ لِغَيْرِهِ أَعْنِي الِارْتِدَادَ وَالْإِبَاءَ وَالْمِلْكَ وَمِثْلُهُ الْفَسْخُ بِتَقْبِيلِ ابْنِ الزَّوْجِ وَسَبْيُ أَحَدِهِمَا وَمُهَاجَرَتُهُ إلَيْنَا تَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت بَعْدَ ذَلِكَ أَجَابَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِأَنَّ ذَلِكَ انْفِسَاخٌ لَا فَسْخٌ اهـ. وَهُوَ مُؤَدَّى مَا قُلْنَا.

(قَوْلُهُ الْأَصْلُ أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ بَعْدَ الطَّلَاقِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَقُولُ: هَذَا الْأَصْلُ مَنْقُوضٌ بِمَا إذَا أَبَتْ عَنْ الْإِسْلَامِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فِي الْعِدَّةِ وَقَعَ، مَعَ أَنَّهُ فَسْخٌ وَبِوُقُوعِ طَلَاقِ الْمُرْتَدِّ، مَعَ أَنَّ الْفُرْقَةَ بِرِدَّتِهِ فَسْخٌ وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهَا بِرِدَّتِهَا فَسْخٌ وَمَعَ هَذَا يَقَعُ طَلَاقُهُ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ كَذَا فِي الْفَتْحِ، وَوَجْهٌ فِي النِّكَاحِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ مِنْ زَوْجِ الْمُرْتَدَّةِ بِأَنَّ الْحُرْمَةَ بِالرِّدَّةِ غَيْرُ مُتَأَبِّدَةٍ لِارْتِفَاعِهَا بِالْإِسْلَامِ فَيَقَعُ طَلَاقُهُ عَلَيْهِ فِي الْعِدَّةِ مُسْتَتْبِعًا فَائِدَتَهُ مِنْ حُرْمَتِهَا عَلَيْهِ بَعْدَ الثَّلَاثِ حُرْمَةً مُغَيَّاةً بِوَطْءِ زَوْجٍ آخَرَ بِخِلَافِ حُرْمَةِ الْمَحْرَمِيَّةِ فَإِنَّهَا مُتَأَبِّدَةٌ فَلَا يُفِيدُ لُحُوقُ الطَّلَاقِ فَائِدَةً. اهـ.

وَكَانَ هَذَا هُوَ وَجْهُ كَوْنِ الْوُقُوفِ هُنَا أَوْجَهَ تَأَمَّلْ. إلَّا أَنَّهُ يَقْتَضِي قَصْرَ عَدَمِ الْوُقُوفِ فِي الْعِدَّةِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْفُرْقَةُ بِمَا يُوجِبُ حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً كَالتَّقْبِيلِ وَكَالْإِرْضَاعِ وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ عَرَفَ ذَلِكَ مَنْ تَصَفَّحَهُ. اهـ.

وَذَلِكَ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِعَدَمِ اللِّحَاقِ فِي عِدَّةِ خِيَارِ الْعِتْقِ وَالْبُلُوغِ، وَكَذَا بَعْدَ الْكَفَاءَةِ وَنُقْصَانِ الْمَهْرِ حَتَّى صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْفَتْحِ أَوَّلَ كِتَابِ الطَّلَاقِ وَصَرَّحَ أَيْضًا بِعَدَمِ اللِّحَاقِ فِيمَا إذَا سُبِيَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ أَوْ هَاجَرَ إلَيْنَا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ خَرَجَا مُسْتَأْمَنَيْنِ فَأَسْلَمَ أَحَدُهُمَا أَوْ صَارَ ذِمِّيًّا وَصَرَّحَ أَيْضًا هُنَاكَ بِلِحَاقِ الطَّلَاقِ فِيمَا إذَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِإِبَاءِ الْآخَرِ وَبِالِارْتِدَادِ وَقَالَ إنَّ الْفُرْقَةَ بِرِدَّتِهِ فَسْخٌ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُرْتَدَّةَ فَهِيَ فَسْخٌ اتِّفَاقًا وَيَقَعُ طَلَاقُهُ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ وَلَمْ يُعَلِّلْ بِمَا عَلَّلَ بِهِ فِي النِّكَاحِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>