للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنَّمَا دَخَلَ فِي ضَمَانِهَا بِالْقَبْضِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ اهـ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاعْتِبَارَ لِيَوْمِ الْعَقْدِ فِي حَقِّ التَّسْمِيَةِ وَلِيَوْمِ الْقَبْضِ فِي حَقِّ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِهَا وَفِي الذَّخِيرَةِ النِّكَاحُ إذَا أُضِيفَ إلَى دَرَاهِمِ عَيْنٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِهَا، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِمِثْلِهَا دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَإِذَا أُضِيفَ إلَى دَرَاهِمِ دَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْمَرْأَةِ تَتَعَلَّقُ بِعَيْنِهَا وَلَا يَتَعَلَّقُ بِمِثْلِهَا دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ عِوَضٌ مِنْ وَجْهٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مِلْكٌ بِمُقَابَلَةِ شَيْءٍ صِلَةٍ مِنْ وَجْهٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا مَالِيَّةَ لِمَا يُقَابِلُهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ حَتَّى يَجِبَ الْحَيَوَانُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ فِي النِّكَاحِ

وَالدَّرَاهِمُ تَتَعَيَّنُ فِي الصِّلَاتِ لَا فِي الْمُعَاوَضَاتِ فَعَلِمْنَا بِحَقِيقَةِ الْمُعَاوَضَةِ إذَا أُضِيفَ إلَى الدَّرَاهِمِ الْعَيْنِ فَتَعَلَّقَ بِمِثْلِهَا وَعَمِلْنَا بِمَعْنَى الصِّلَةِ إذَا أُضِيفَ إلَى الدَّيْنِ فَتَعَلَّقَ بِعَيْنِهَا عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ، وَفَائِدَةُ الْأَوَّلِ لَوْ تَزَوَّجَهَا أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ عَلَى حِصَّتِهِ مِنْ دَيْنٍ لَهُمَا عَلَيْهَا فَلَيْسَ لِلسَّاكِتِ مُشَارَكَتُهُ لِتَعَلُّقِهِ بِعَيْنِ الْحِصَّةِ، وَفَائِدَةُ الثَّانِي لَوْ تَزَوَّجَهَا أَحَدُهُمَا عَلَى دَرَاهِمَ مُطْلَقَةٍ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَصَارَ قِصَاصًا فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ نِصْفَهَا لِتَعَلُّقِهِ بِمِثْلِهَا وَالدَّيْنُ إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ الْمَرْأَةِ فَهُوَ كَالْعَيْنِ يَتَعَلَّقُ النِّكَاحُ بِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ لَكَانَ تَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَلَيْهَا وَفَائِدَتُهُ أَنَّهَا مُخَيَّرَةٌ إنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ مِنْ الزَّوْجِ وَإِنْ شَاءَتْ مِنْ الْعَاقِلَةِ اهـ.

وَالْأَخِيرُ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِأَنَّ مَا فِي الذَّخِيرَةِ مُصَوَّرٌ بِأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَرْشٍ لَهُ عَلَى عَاقِلَتِهَا وَأَمَرَهَا بِقَبْضِ ذَلِكَ وَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ خَالٍ عَنْ الْآمِرِ بِالْقَبْضِ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى دَرَاهِمَ

وَأَشَارَ إلَيْهَا فَلَهُ إمْسَاكُهَا وَدَفْعُ مِثْلِهَا وَلَوْ دَفَعَ الدَّرَاهِمَ إلَيْهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهَا رَدُّ عَيْنِ نِصْفِهَا، وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ رَدُّ مِثْلِهَا كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَفُرِّعَ عَلَيْهِ مَا إذَا كَانَ الْمَهْرُ أَلْفًا دَفَعَهُ إلَيْهَا وَحَالَ الْحَوْلُ وَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ عَلَيْهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهَا زَكَاةُ النِّصْفِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَتَعَيَّنْ رَدُّ الْعَيْنِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ دَيْنٍ حَادِثٍ. اهـ.

وَمِنْ أَحْكَامِ الْمَهْرِ أَنَّهُ يَصِحُّ تَأْجِيلُهُ إلَى وَقْتٍ مَجْهُولٍ كَالْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَنْقُدَ مَا تَيَسَّرَ لَهُ وَالْبَقِيَّةَ إلَى سَنَةٍ كَانَ الْأَلْفُ كُلُّهُ إلَى سَنَةٍ إلَّا أَنْ تُقِيمَ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَيَسَّرَ لَهُ مِنْهَا شَيْءٌ أَوْ كُلُّهُ فَتَأْخُذَهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ سَمَّاهَا أَوْ دُونَهَا فَلَهَا عَشَرَةٌ بِالْوَطْءِ أَوْ بِالْمَوْتِ) ؛ لِأَنَّ بِالدُّخُولِ يَتَحَقَّقُ تَسْلِيمُ الْمُبْدَلِ وَبِهِ يَتَأَكَّدُ الْبَدَلُ وَبِالْمَوْتِ يَنْتَهِي النِّكَاحُ نِهَايَتَهُ وَالشَّيْءُ بِانْتِهَائِهِ يَتَقَرَّرُ وَيَتَأَكَّدُ فَيَتَقَرَّرُ بِجَمِيعِ مُوَاجِبِهِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْخَلْوَةَ كَالْوَطْءِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَهْرَ يَجِبُ بِالْعَقْدِ وَيَتَأَكَّدُ بِإِحْدَى مَعَانٍ ثَلَاثٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ رَابِعٌ وَهُوَ وُجُوبُ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا مِنْهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْعِدَّةِ لَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا بَعْدَ الدُّخُولِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا فِي الْعِدَّةِ وَجَبَ كَمَالُ الْمَهْرِ الثَّانِي بِدُونِ الْخَلْوَةِ وَالدُّخُولِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا فَوْقَ الْخَلْوَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ خَامِسٌ وَهُوَ مَا لَوْ أَزَالَ بَكَارَتَهَا بِحَجَرٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ لَهَا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَفَائِدَةُ الْأَوَّلِ) أَقُولُ: تَصَرُّفٌ فِي عِبَارَةِ الذَّخِيرَةِ بِمَا لَيْسَ فِيهَا فَإِنَّ الَّذِي فِي الذَّخِيرَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ مَا نَصُّهُ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُضَافُ إلَيْهِ النِّكَاحَ عَلَى الْمَرْأَةِ، فَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ الْمَرْأَةِ فَالنِّكَاحُ لَا يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ ذَلِكَ الدَّيْنِ، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِمِثْلِهِ بَيَانُ الْأَوَّلِ إذَا كَانَ لِرَجُلَيْنِ عَلَى امْرَأَةٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَتَزَوَّجَهَا أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ عَلَى حِصَّتِهِ لَا يَكُونُ لِلسَّاكِتِ أَنْ يَتْبَعَ الزَّوْجَ فَيَأْخُذَ مِنْهُ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ الْحِصَّةِ لَا بِمِثْلِهَا دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَسَقَطَ عَنْ ذِمَّتِهَا عَيْنُ حِصَّةِ الزَّوْجِ فَصَارَ كَمَا لَوْ سَقَطَ ذَلِكَ بِالْهِبَةِ وَالْإِبْرَاءِ

وَذَكَرَ فِي الْقُدُورِيِّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِيهَا رِوَايَتَيْنِ فِي رِوَايَةٍ لَا يَرْجِعُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى خَمْسِمِائَةٍ كَانَ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَتْبَعَ الزَّوْجَ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ هَاهُنَا أُضِيفَ إلَى خَمْسِمِائَةٍ مُرْسَلَةٍ وَلِلزَّوْجِ عَلَيْهَا مِثْلُ ذَلِكَ فَالْتَقَيَا قِصَاصًا وَصَارَ الزَّوْجُ مُقْتَضِيًا نَصِيبَهُ فَيَكُونُ لِشَرِيكِهِ حَقُّ الْمُشَارَكَةِ، وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتْبَعَهُ بِشَيْءٍ، وَبَيَانُ الثَّانِي إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَرْشٍ لَهُ عَلَى عَاقِلَتِهَا وَأَمَرَهَا بِقَبْضِ ذَلِكَ فَهِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ اتَّبَعَتْ الزَّوْجَ أَوْ الْعَاقِلَةَ وَلَوْ تَعَلَّقَ النِّكَاحُ بِالدَّيْنِ الْمُضَافِ إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهَا اتِّبَاعُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ الْمَرْأَةِ لَوْ تَعَلَّقَ الْعَقْدُ بِعَيْنِهَا لَأَدَّى إلَى تَمْلِيكِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اهـ. مُلَخَّصًا وَمِثْلُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَغَيْرُ خَافٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ بَيَانُ الْأَوَّلِ مَا إذَا كَانَ الْمُضَافُ إلَيْهِ الْعَقْدَ عَلَى الْمَرْأَةِ وَبِالثَّانِيَةِ مَا إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِهَا

(قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ) قَدْ سَمِعْت مِنْ عِبَارَةِ الذَّخِيرَةِ الَّتِي نَقَلْنَاهَا التَّصْرِيحَ بِالْأَمْرِ بِالْقَبْضِ وَكَأَنَّ الْمُؤَلِّفُ لَمْ يَرَهُ.

(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ رَابِعٌ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ وُجُوبَ الْعِدَّةِ وَتَمَامَ الْمَهْرِ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِاعْتِبَارِ الْوَطْءِ السَّابِقِ لِبَقَاءِ أَثَرِهِ وَهُوَ الْعِدَّةُ وَسَيَأْتِي فِي الْعِدَّةِ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ إحْدَى الْمَسَائِلِ الْعَشْرِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى أَنَّ الدُّخُولَ فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ دُخُولٌ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ خَامِسٌ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ وُجُوبَ كَمَالِ الْمَهْرِ هُنَا بِسَبَبِ الْخَلْوَةِ فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ أَنَّهُ اخْتَلَى بِهَا فَأَزَالَ بَكَارَتَهَا بِأُصْبُعِهِ أَوْ حَجَرٍ وَأَنَّ إزَالَتَهَا بِالدَّفْعَةِ فِي غَيْرِ الْخَلْوَةِ فَلِذَا وَجَبَ فِي الْأَوَّلِ التَّمَامُ وَفِي الثَّانِي النِّصْفُ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْخَلْوَةِ أَوْ بِدُونِهَا فَمَا وَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت فِي جِنَايَاتِ الْخَانِيَّةِ مَا يُشِيرُ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>