للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَرِدُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ أَعْنِي أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ لِاخْتِلَافِ السَّبَبِ إذَا حَصَلَ الْمَقْصُودُ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّبْيِينِ مِنْ بَابِ التَّحَالُفِ لَوْ قَالَ بِعْتنِي هَذِهِ الْجَارِيَةَ فَأَنْكَرَ، فَقَالَ مَا بِعْتُكهَا، وَإِنَّمَا زَوَّجْتُكهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا لِاخْتِلَافِ الْحُكْمِ فَإِنَّ حُكْمَ مِلْكِ الْيَمِينِ خِلَافُ حُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ اهـ.

إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُمَا مُخْتَلِفٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا تَحْتَ الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ مَا إذَا أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ، فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ هِيَ غَصْبٌ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ مِنْ بَابِ التَّحَالُفِ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ لِاتِّحَادِ الْحُكْمِ وَفِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ مِنْ بَابِ الْإِقْرَارِ بِمَا يَكُونُ قِصَاصًا قَالَ أَوْدَعْتنِي هَذِهِ الْأَلْفَ، فَقَالَ بَلْ لِي أَلْفٌ قَرْضٌ فَقَدْ رُدَّ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ غَيْرُ الدَّيْنِ إلَّا أَنْ يَتَصَادَقَا؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ كَالْمُبْتَدِئِ وَلَوْ قَالَ أَقْرَضْتُكهَا أَخَذَ الْأَلْفَ؛ لِأَنَّ التَّكَاذُبَ فِي الزَّوَالِ وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُك أَخَذَ أَلْفًا؛ لِأَنَّ مُوجِبَهُ الضَّمَانُ فَاتَّفَقَا عَلَى الدَّيْنِ وَاخْتَلَفَا فِي الْجِهَةِ فَلَغَتْ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِالْقَرْضِ وَهُوَ ادَّعَى الثَّمَنَ اهـ. وَفِي الْمِعْرَاجِ

فَإِنْ قِيلَ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا مَا إذَا اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفٍ ثُمَّ حَطَّ الْبَائِعُ عُشْرَ الثَّمَنِ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا بِنَقْصِ عُشْرِ الثَّمَنِ حَيْثُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَإِنْ حَصَلَ لَهُ هَذَا بِالْحَطِّ قُلْنَا مُوجِبُ الْعَيْبِ سُقُوطُ بَعْضِ الثَّمَنِ، وَهَذَا لَا يَحْصُلُ لَهُ بِالْحَطِّ؛ لِأَنَّ الْمَحْطُوطَ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ ثَمَنًا اهـ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مَا إذَا قَبَضَتْ النِّصْفَ ثُمَّ وَهَبَتْ الْكُلَّ الْمَقْبُوضَ وَغَيْرَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ مَا قَبَضَتْ اعْتِبَارًا لِلْبَعْضِ بِالْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْحَطَّ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ وَلَهُ أَنَّ مَقْصُودَهُ سَلَامَةُ النِّصْفِ بِالطَّلَاقِ، وَقَدْ حَصَلَ وَالْحَطُّ لَا يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ فِي النِّكَاحِ كَالزِّيَادَةِ، وَلِذَا لَا تَتَنَصَّفُ الزِّيَادَةُ مَعَ الْأَصْلِ اتِّفَاقًا هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ وَالتَّبْيِينِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ وَاسْتَشْكَلَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّ الْتِحَاقَ الزِّيَادَةِ بِأَصْلِ الْعَقْدِ هُوَ الدَّافِعُ لِقَوْلِ الْمَانِعِينَ لَهَا لَوْ صَحَّتْ كَانَ مِلْكُهُ عِوَضًا عَنْ مِلْكِهِ فَإِذَا لَمْ تَلْتَحِقْ بَقِيَ إبْطَالُهُمْ بِلَا جَوَابٍ فَالْحَقُّ أَنَّهَا تَلْتَحِقُ كَمَا يُعْطِيهِ كَلَامُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْمَشَايِخِ، وَإِنَّمَا لَا تَتَنَصَّفُ؛ لِأَنَّ الِانْتِصَافَ خَاصٌّ بِالْمَفْرُوضِ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ حَقِيقَةً كَمَا قَدَّمْنَاهُ اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ تَنَاقَضَ كَلَامُهُمْ فَصَرَّحُوا هُنَا بِعَدَمِ الِالْتِحَاقِ وَفِي مَسْأَلَةِ زِيَادَةِ الْمَهْرِ بِالِالْتِحَاقِ فَرَجَّحَ الْمُحَقِّقُ مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَأَبْطَلَ كَلَامَهُمْ هُنَا وَالْحَقُّ أَنَّ كَلَامَهُمْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ هُنَاكَ بِالِالْتِحَاقِ إنَّمَا هُوَ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّهَا لَوْ حَطَّتْ مِنْ الْمَهْرِ حَتَّى صَارَ الْبَاقِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ وَلَوْ الْتَحَقَ الْحَطُّ بِأَصْلِ الْعَقْدِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لَلَزِمَ تَكْمِيلُهَا وَلَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ لَوْ حَطَّتْ الْكُلَّ كَأَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا وَقَوْلُهُمْ هُنَا بِعَدَمِهِ إنَّمَا هُوَ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ عَمَلًا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ بِمَا يُنَاسِبُهُ فَرُوعِيَ جَانِبُ الِالْتِحَاقِ لِتَصْحِيحِ الزِّيَادَةِ حَتَّى لَا يَكُونَ مِلْكُهُ عِوَضًا عَنْ مِلْكِهِ لِلنَّصِّ الْمُفِيدِ لِصِحَّتِهَا كَمَا أَسْلَفْنَاهُ وَرُوعِيَ جَانِبُ عَدَمِهِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ لَا دَاعِيَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ سَلَامَةُ النِّصْفِ لِلزَّوْجِ، وَقَدْ حَصَلَ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى الْقَوْلِ بِالِالْتِحَاقِ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ مُغَيِّرٌ لِلْعَقْدِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.

وَقَوْلُهُ وَوَهَبَتْ الْأَلْفَ عَائِدٌ إلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ مَعَ أَنَّ هِبَةَ الْأَلْفِ لَيْسَ بِقَيْدٍ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ وَهَبَتْ النِّصْفَ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ مِنْ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهَا عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا وَقُيِّدَ بِقَبْضِ النِّصْفِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا قَبَضَتْ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ وَوَهَبَتْ الْبَاقِيَ فَإِنَّهَا تَرُدُّ عَلَيْهِ مَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ عِنْدَهُ كَمَا لَوْ قَبَضَتْ سِتَّمِائَةٍ وَوَهَبَتْ أَرْبَعَمِائَةٍ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمِائَةٍ وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ بِنِصْفِ الْمَقْبُوضِ فَتَرُدُّ ثَلَثَمِائَةٍ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَلَوْ وَهَبَتْهُ مِائَتَيْنِ رَجَعَ بِثَلَاثِ مِائَةٍ تَتْمِيمًا لِلنِّصْفِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ، وَأَمَّا إذَا قَبَضَتْ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ وَوَهَبَتْ الْبَاقِيَ فَهُوَ مَعْلُومٌ بِالْأَوْلَى فَعُلِمَ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالنِّصْفِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْأَكْثَرِ لَا عَنْ الْأَقَلِّ وَحُكْمُ الْمِثْلِيِّ الْغَيْرِ الْمُعَيَّنِ حُكْمُ النَّقْدِ هُنَا أَيْضًا.

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ هُوَ الدَّافِعُ لِقَوْلِ الْمَانِعِينَ لَهَا) يَعْنِي أَنَّ قَوْلَهُ كَالزِّيَادَةِ يُفِيدُ أَنَّهَا لَا تَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ مَرَّ فِي الْجَوَابِ عَنْ قَوْلِ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّ الزِّيَادَةَ بَعْدَ الْعَقْدِ لَا تَصِحُّ إذْ لَوْ صَحَّتْ لَزِمَ كَوْنُ الشَّيْءِ عِوَضًا عَنْ مِلْكِهِ أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ لَوْ قُلْنَا بِعَدَمِ الِالْتِحَاقِ وَنَحْنُ نَقُول بِالْتِحَاقِهَا بِأَصْلِ الْعَقْدِ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ تَنَاقَضَ كَلَامُهُمْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَعَلَى مَا هُنَا بَقِيَ قَوْلُ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ إذْ لَوْ صَحَّتْ إلَخْ بِلَا جَوَابٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>