للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالْقِيمَةِ لَا تُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَى نَفْسِهِ مِنْ أَسْبَابِ التَّعْرِيفِ كَالْإِشَارَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِهَا فِي الْوَصِيَّةِ فَإِنَّ مَنْ أَوْصَى لِإِنْسَانٍ بِعَشَرَةٍ مِنْ رَقِيقِهِ وَلَهُ رَقِيقٌ فَهَلَكُوا وَاسْتَفَادَ رَقِيقًا آخَرَ لَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ وَلَوْ اُلْتُحِقَتْ الْإِضَافَةُ بِالْإِشَارَةِ لَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ كَمَا لَوْ أَشَارَ إلَى الرَّقِيقِ فَهَلَكُوا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ بِمَنْزِلَةِ الْإِشَارَةِ مِنْ وَجْهٍ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ وُضِعَتْ لِلتَّعْرِيفِ إلَّا أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْإِطْلَاقِ مِنْ وَجْهٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا لَا تَقْطَعُ الشَّرِكَةَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَالْعَمَلُ بِالشَّبَهَيْنِ مُتَعَذِّرٌ فِي جَمِيعِ الْعُقُودِ فَعَمِلْنَا بِشَبَهِ الْإِشَارَةِ فِي الْأَمَانِ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَبِشَبَهِ الْإِطْلَاقِ فِي الْوَصِيَّةِ عَمَلًا بِهِمَا بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُسَوَّى بَيْنَ الْمُشَارِ إلَيْهِ وَبَيْنَ الْمُضَافِ هُنَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ لَيْسَ فِيهِ شَرِكَةٌ أَصْلًا فَلِذَا تَمْلِكُهُ الْمَرْأَةُ بِمُجَرَّدِ الْقَبُولِ إنْ كَانَ مِلْكًا لِلزَّوْجِ

وَأَمَّا فِي الْمُضَافِ فَلَا تَمْلِكُهُ الْمَرْأَةُ بِمُجَرَّدِ الْقَبُولِ حَتَّى يُعَيِّنَهُ الزَّوْجُ فَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِي هَذَا الْحُكْمِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَيُشْكِلُ عَلَى مَا فِي الذَّخِيرَةِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ قَالَ أَتَزَوَّجُك عَلَى نَاقَةٍ مِنْ إبِلِي هَذِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُعْطِيهَا نَاقَةً مِنْ إبِلِهِ مَا شَاءَ اهـ.

فَإِنَّ النَّاقَةَ كَالْعَبْدِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ التَّسْمِيَةُ كَمَا لَا يَخْفَى وَذُكِرَ فِي الْبَدَائِعِ الْجَمَلُ مَعَ الْعَبْدِ وَأَنَّهُ تَصِحُّ تَسْمِيَتُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْجَمَلِ وَالنَّاقَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهَا مَجْهُولَةٌ وَلَا يُمْكِنُ إيجَابُ الْوَسَطِ مَعَ التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ مِنْ إبِلِي هَذِهِ فَالْمُفْسِدُ لِلتَّسْمِيَةِ قَوْلُهُ مِنْ إبِلِي لَا مُطْلَقُ ذِكْرِ النَّاقَةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْمِعْرَاجِ أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى نَاقَةٍ مِنْ هَذِهِ الْإِبِلِ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ فَالْإِشَارَةُ وَالْإِضَافَةُ فِيهِ سَوَاءٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُشَارُ إلَيْهِ فِي مِلْكِهِ فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِشِرَائِهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ شِرَائِهِ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْعَرْضَ الْمُعَيَّنَ وَالْمِثْلِيَّ كَذَلِكَ تَمْلِكُهُ الْمَرْأَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِتَعَيُّنِهِ إلَّا النَّقْدَيْنِ فَلَا تَمْلِكُهُ إلَّا بِالْقَبْضِ، وَكَذَا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ وَمِنْ أَحْكَامِ الْعَرْضِ الْمَهْرِ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ رُؤْيَةٍ؛ لِأَنَّ فَائِدَتَهُ فَسْخُ الْعَقْدِ بِالرَّدِّ وَهُوَ لَا يَقْبَلُهُ، وَأَمَّا خِيَارُ الْعَيْبِ فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ يَسِيرًا فَلَا تَرُدُّهُ بِهِ وَإِنْ كَانَ فَاحِشًا فَلَهَا رَدُّهُ هَكَذَا أَطْلَقَهُ كَثِيرٌ وَاسْتُثْنِيَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ فَإِنَّهَا تَرُدُّهُ بِالْيَسِيرِ وَالْفَاحِشِ وَفِي الْمَبْسُوطِ كُلُّ عَيْبٍ يَنْقُصُ مِنْ الْمَالِيَّةِ مِقْدَارَ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوَّمِينَ فِي الْأَسْوَاقِ فَهُوَ فَاحِشٌ وَإِنْ كَانَ يَنْقُصُ بِقَدْرِ مَا يَدْخُلُ بَيْنَ تَقْوِيمِ الْمُتَقَوِّمِينَ فَهُوَ يَسِيرٌ. اهـ.

وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ بِالْفَرَسِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى قِيمَةِ هَذَا الْفَرَسِ أَوْ عَلَى قِيمَةِ هَذَا الْعَبْدِ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ سَمَّى مَجْهُولَ الْجِنْسِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ فَفُرِّقَ بَيْنَ الْقِيمَةِ ابْتِدَاءً وَبَقَاءً؛ لِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ فِي الْبَقَاءِ مَا لَا يُتَسَامَحُ فِي الِابْتِدَاءِ.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَرْبَعِمِائَةِ دِينَارٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهَا بِكُلِّ مِائَةٍ خَادِمًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ الشَّرْطُ وَلَهَا أَرْبَعٌ مِنْ الْخَدَمِ الْأَوْسَاطِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ بِالْأَوْلَى وَإِنْ عَيَّنَ الْخَدَمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ بِالْأَوْلَى.

(قَوْلُهُ وَعَلَى ثَوْبٍ أَوْ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ عَلَى هَذَا الْخَلِّ فَإِذَا هُوَ خَمْرٌ أَوْ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ فَإِذَا هُوَ حُرٌّ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ) بَيَانٌ لِثَلَاثِ مَسَائِلَ الْحُكْمُ فِيهَا وَاحِدٌ وَهُوَ وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ الْأُولَى إذَا كَانَ الْمُسَمَّى مَجْهُولَ الْجِنْسِ كَالثَّوْبِ؛ لِأَنَّ الْأَثْوَابَ أَجْنَاسٌ شَتَّى كَالْحَيَوَانِ وَالدَّابَّةِ فَلَيْسَ الْبَعْضُ أَوْلَى مِنْ الْبَعْضِ بِالْإِرَادَةِ فَصَارَتْ الْجَهَالَةُ فَاحِشَةً، وَقَدْ فُسِّرَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ الْجِنْسُ بِالنَّوْعِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ هُوَ الْمَقُولُ عَلَى كَثِيرِينَ مُخْتَلِفِينَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ فِي الْأَمَانِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَنَسْخِ النَّهْرِ فِي الْأَيْمَانِ وَلَكِنَّ الَّذِي رَأَيْته فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْأَمَانِ مَصْدَرُ آمَنَ لَا جَمْعُ يَمِينٍ. (قَوْلُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ) قَالَ فِي النَّهْرِ هَذَا سَهْوٌ بَلْ هُوَ صَحِيحٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُدَّعَى إنَّمَا هُوَ ثُبُوتُ الْمِلْكِ لَهَا بِمُجَرَّدِ الْقَبُولِ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ ثَابِتٌ فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ وَالْمُضَافِ غَيْرَ أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ مُسْتَغْنٍ عَنْ التَّمْيِيزِ بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِذَا قَالَ عَلَى عَبْدِي وَلَهُ أَعْبُدٌ ثَبَتَ لَهَا الْمِلْكُ فِي وَاحِدٍ وَسَطٍ مِمَّا فِي مِلْكِهِ وَعَلَيْهِ تَعْيِينُهُ وَدَعْوَى تَوَقُّفِ مِلْكِهَا لَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَاسْتَوَى الْإِبْهَامُ وَالْإِضَافَةُ فِي هَذَا فَإِنَّهُ لَوْ عَيَّنَ لَهَا فِي الْإِبْهَامِ وَسَطًا أُجْبِرَتْ عَلَى قَبُولِهِ اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ فَالْمُفْسِدُ لِلتَّسْمِيَةِ قَوْلُهُ مِنْ إبِلِي) قَالَ الْمَقْدِسِيَّ فِي الرَّمْزِ هَذَا مِنْ قَلْبِ الْمَوْضُوعِ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ إذَا صَحَّ فَصِحَّةُ الْمُقَيَّدِ أَوْلَى. (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّة بِالْأَوْلَى) يُوجَدُ فِي النُّسَخِ لَفْظَةُ بِالْأَوْلَى فِي الْمَوْضِعَيْنِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا فِي الْأَوَّلِ مِنْهُمَا زَائِدَةٌ.

(قَوْلُهُ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ فِي الْهِدَايَةِ قَالَ وَلَوْ سُمِّيَ جِنْسًا بِأَنْ قَالَ هَرَوِيٌّ تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ وَيُخَيَّرُ الزَّوْجُ، وَكَذَا إذَا سُمِّيَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا سُمِّيَ جِنْسُهُ دُونَ صِفَتِهِ وَإِنْ سُمِّيَ جِنْسُهُ وَصِفَتُهُ لَا يُخَيَّرُ إلَخْ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْهَرَوِيَّ الَّذِي فُسِّرَ بِهِ الْجِنْسُ لَيْسَ جِنْسًا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ بَلْ الْجِنْسُ عِنْدَهُمْ هُوَ الثَّوْبُ وَالْهَرَوِيُّ نَوْعٌ، وَكَذَا قَوْلُهُ سُمِّيَ جِنْسُهُ إنْ أُرِيدَ بِهِ الْجِنْسُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ سُمِّيَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا؛ لِأَنَّهُ الْجِنْسُ عِنْدَهُمْ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ سُمِّيَ بُرًّا أَوْ شَعِيرًا مَثَلًا، وَهَذَا هُوَ النَّوْعُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فَكَانَ مُرَادُهُ بِالْجِنْسِ النَّوْعَ، وَلِذَا قَالَ دُونَ صِفَتِهِ وَلَمْ يَقُلْ دُونَ نَوْعِهِ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ تَحْتَ النَّوْعِ كَمَا أَنَّ النَّوْعَ تَحْتَ الْجِنْسِ تَأَمَّلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>