أَنْ تَأْخُذَ الْأَبَ لِبُطْلَانِ حَقِّهَا مِنْ الْعَيْنِ إلَى الْقِيمَةِ بِالْقَضَاءِ وَإِذَا مَلَكَهُ الزَّوْجُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ لَا تَمْلِكُهُ الْمَرْأَةُ إلَّا بِالْقَضَاءِ أَوْ بِتَسْلِيمِ الزَّوْجِ إلَيْهَا وَيَجُوزُ تَصَرُّفُ الزَّوْجِ فِيهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ لِلْمَرْأَةِ أَوْ التَّسْلِيمِ إلَيْهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا وَجَدَتْ الْمُسَمَّى أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْمُحِيطِ لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذِهِ الْأَثْوَابِ الْعَشَرَةِ فَإِذَا هِيَ أَحَدَ عَشَرَ قَالَ مُحَمَّدٌ يُعْطِيهَا عَشَرَةٌ مِنْهَا أَيُّهَا شَاءَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا مِثْلَ أَجْوَدِ الْعَشَرَةِ أَوْ زِيَادَةً فَلَهَا أَجْوَدُ الْعَشَرَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَوْ وَجَدَتْ الثِّيَابَ تِسْعَةً قَالَ مُحَمَّدٌ لَهَا تِسْعَةٌ وَتَمَامُ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ التِّسْعَةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَهَا التِّسْعَةُ لَا غَيْرُ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ فَإِذَا أَحَدُهُمَا حُرٌّ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذِهِ الْأَثْوَابِ الْعَشَرَةِ الْهَرَوِيَّةِ فَإِذَا هِيَ تِسْعَةٌ فَلَهَا تِسْعَةٌ وَثَوْبٌ آخَرُ هَرَوِيٌّ وَسَطٌ بِالْإِجْمَاعِ وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْأُولَى ذَكَرَ الثِّيَابَ مُطْلَقَةً وَالثَّوْبُ الْمُطْلَقُ مِمَّا لَا يَجِبُ مَهْرًا إذَا لَمْ يَكُنْ مُشَارًا إلَيْهِ وَالثَّوْبُ الْعَاشِرِ لَمْ يَكُنْ مُشَارًا إلَيْهِ فَلَا يَجِبُ وَفِي الثَّانِيَةِ ذَكَرَ الثِّيَابَ مَوْصُوفَةً بِكَوْنِهَا هَرَوِيَّةً وَالثَّوْبُ الْهَرَوِيُّ يَصْلُحُ مَهْرًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا اهـ. وَقَدْ بَسَطَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
(قَوْلُهُ وَفِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إنَّمَا يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْوَطْءِ) ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ فِيهِ لَا يَجِبُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ لِفَسَادِهِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ بِاسْتِيفَاءِ مَنَافِعِ الْبُضْعِ، وَكَذَا بَعْدَ الْخَلْوَةِ؛ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ فِيهِ لَا يَثْبُتُ بِهَا التَّمَكُّنُ فَهِيَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ كَالْخَلْوَةِ بِالْحَائِضِ فَلَا تُقَامُ مَقَامَ الْوَطْءِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْمَشَايِخِ الْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ كَالْخَلْوَةِ الْفَاسِدَةِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَفِيهِ مُسَامَحَةٌ لِفَسَادِ الْخَلْوَةِ وَالْمُرَادُ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ النِّكَاحُ الَّذِي لَمْ تَجْتَمِعْ شَرَائِطُهُ كَتَزَوُّجِ الْأُخْتَيْنِ مَعًا وَالنِّكَاحُ بِغَيْرِ شُهُودٍ وَنِكَاحُ الْأُخْتِ فِي عِدَّةِ الْأُخْتِ وَنِكَاحُ الْمُعْتَدَّةِ وَالْخَامِسَةِ فِي عِدَّةِ الرَّابِعَةِ وَالْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ وَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا كَيْ لَا يَلْزَمَ ارْتِكَابُ الْمَحْظُورِ وَاغْتِرَارًا بِصُورَةِ الْعَقْدِ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَذُكِرَ فِي الْمُحِيطِ مِنْ بَابِ نِكَاحِ الْكَافِرِ وَلَوْ تَزَوَّجَ ذِمِّيٌّ مُسْلِمَةً فُرِّقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ فَاسِدًا. اهـ.
فَظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا لَا يُحَدَّانِ وَأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ فِيهِ وَالْعِدَّةُ إنْ دَخَلَ بِهَا، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْمَهْرُ فِي الْفَاسِدِ بِالْوَطْءِ عَمَلًا بِحَدِيثِ السُّنَنِ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا فَصَارَ أَصْلًا لِلْمَهْرِ فِي كُلِّ نِكَاحٍ فَاسِدٍ بَعْدَ حَمْلِنَا لَهُ عَلَى الصَّغِيرَةِ وَالْأَمَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ بَاعَ جَارِيَةً بَيْعًا فَاسِدًا وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ تَزَوَّجَهَا الْبَائِعُ لَمْ يَجُزْ اهـ.
وَلَوْ وَطِئَهَا الظَّاهِرُ أَنْ لَا مَهْرَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ وَطِئَ الْجَارِيَةَ الْمَبِيعَةَ فَاسِدًا يَجِبُ الْمَهْرُ عَلَيْهِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَأَشَارَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ إلَى أَنَّ الْمُسَمَّى فِيهِ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَلِذَا قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى خَادِمٍ بِعَيْنِهَا نِكَاحًا فَاسِدًا وَدَفَعَ الْخَادِمَ إلَيْهَا فَأَعْتَقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَالْعِتْقُ بَاطِلٌ وَإِنْ أَعْتَقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ فَالْعِتْقُ جَائِزٌ اهـ.
وَهَكَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَدْفَعْهَا إلَيْهَا فَالْعِتْقُ بَاطِلٌ مُطْلَقًا وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ بِالدَّفْعِ تَعَيَّنَ لِمَهْرِ الْمِثْلِ فِي الْمَدْفُوعِ وَحُكْمُ الدُّخُولِ فِي النِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ كَالدُّخُولِ فِي الْفَاسِدِ فَيَسْقُطُ الْحَدُّ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَيَجِبُ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَمَا فِي الِاخْتِيَارِ مِنْ كِتَابِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ فِي النِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ فِيهِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا ذَكَرْنَاهُ
وَذَكَرَهُ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَالْعِدَّةُ وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ بِإِطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِالْجِمَاعِ فِيهِ وَلَوْ تَكَرَّرَ إلَّا مَهْرٌ وَاحِدٌ وَلَا يَتَكَرَّرُ الْمَهْرُ بِتَكَرُّرِ الْوَطْءِ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْوَطْءَ مَتَى حَصَلَ عُقَيْبَ شُبْهَةِ الْمِلْكِ مِرَارًا لَمْ يَجِبْ إلَّا مَهْرٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ الثَّانِيَ صَادَفَ مِلْكَهُ كَالْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَكَمَا لَوْ وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ أَوْ جَارِيَةَ مُكَاتَبِهِ أَوْ وَطِئَ مَنْكُوحَتَهُ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا أَوْ وَطِئَ جَارِيَةً ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ وَمَتَى حَصَلَ الْوَطْءُ عُقَيْبَ شُبْهَةِ الِاشْتِبَاهِ مِرَارًا فَإِنَّهُ يَجِبُ بِكُلِّ
ــ
[منحة الخالق]
وَكَوْنُهَا مُقَصِّرَةً بِذَلِكَ مَمْنُوعٌ إذْ الْعَادَةُ مَانِعَةٌ مِنْ التَّرَدُّدِ فِي أَنَّ الْمُسَمَّى حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ.
(قَوْلُهُ وَفِيهِ مُسَامَحَةٌ لِفَسَادِ الْخَلْوَةِ) أَيْ فَلَا يُقَالُ إنَّ الْخَلْوَةَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ صَحِيحَةٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْخَلْوَةُ الْخَالِيَةُ عَمَّا يَمْنَعُهَا أَوْ يُفْسِدُهَا مِنْ وُجُودِ ثَالِثٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ حَيْضٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا سِوَى فَسَادِ النِّكَاحِ لِظُهُورِ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَهَذَا وَجْهُ الْمُسَامَحَةِ. (قَوْلُهُ فَأَعْتَقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ) كَذَا فِي النُّسَخِ بِضَمِيرِ الْمُذَكَّرِ فِي أَعْتَقَهَا الْعَائِدِ إلَى الزَّوْجِ، وَكَذَلِكَ فِيمَا بَعْدَهُ وَهُوَ الَّذِي رَأَيْته فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَمُنْتَخَبِهَا لِلْعَيْنِيِّ وَالْخَانِيَّةِ وَالْمِعْرَاجِ وَالتَّتَارْخَانِيَّةِ مَعْزِيًّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute