للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِذًا لَا شَيْءَ فِيهِ كَانَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي الزِّقِّ شَيْءٌ آخَرُ خِلَافُ الْجِنْسِ وَلَوْ قَالَ تَزَوَّجْتُك عَلَى الشَّاةِ الَّتِي فِي هَذَا الْبَيْتِ فَإِذَا فِي الْبَيْتِ خِنْزِيرٌ أَوْ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ كَانَ لَهَا شَاةٌ وَسَطٌ وَتَبْطُلُ الْإِشَارَةُ اهـ.

وَكَأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْ الزِّقِّ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَمْ يَجْعَلْ الْمُسَمَّى مَا فِيهِ، وَإِنَّمَا جَعَلَهُ قَدْرَ مَا يَمْلَأُ الظَّرْفَ الْمُشَارَ إلَيْهِ وَفِي الثَّانِيَةِ جَعَلَ الْمُسَمَّى السَّمْنَ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا فَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ

وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الشَّاةِ الَّتِي فِي هَذَا الْبَيْتِ فَلَيْسَتْ مِنْ قَبِيلِ مَا اجْتَمَعَ فِيهِ الْإِشَارَةُ وَالتَّسْمِيَةُ، وَإِنَّمَا حَاصِلُهَا أَنَّهُ سَمَّى شَاةً وَوَصَفَهَا بِوَصْفٍ وَهُوَ كَوْنُهَا فِي بَيْتٍ خَاصٍّ فَإِذَا لَمْ تُوجَدْ فِي الْبَيْتِ بَطَلَ الْوَصْفُ وَبَقِيَ الْمَوْصُوفُ وَهُوَ مُطْلَقُ الشَّاةِ فَوَجَبَ شَاةٌ وَسَطٌ أَوْ نَقُولُ اجْتَمَعَ الْإِشَارَةُ وَالتَّسْمِيَةُ وَالْجِنْسُ مُخْتَلِفٌ لِتَبَدُّلِ الصُّورَةِ وَالْمَعْنَى فَيَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِالْمُسَمَّى وَهُوَ مَالٌ وَفِي الْبَدَائِعِ لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الدَّنِّ الْخَمْرِ وَقِيمَةُ الظَّرْفِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي رِوَايَةٍ لَهَا الدَّنُّ لَا غَيْرُ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى شَيْئَانِ الْخَمْرُ وَالظَّرْفُ فَيَلْغُو تَسْمِيَةُ الْخَمْرِ وَبَقِيَ الظَّرْفُ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى خَلٍّ وَخَمْرٍ فَلَهَا الْخَلُّ لَا غَيْرُ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الظَّرْفَ لَا يُقْصَدُ بِالْعَقْدِ عَادَةً فَإِذَا بَطَلَتْ فِي الْمَقْصُودِ بَطَلَتْ فِي التَّبَعِ. اهـ.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِوُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ عَيْنًا إلَى أَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ لَوْ كَانَ حُرًّا حَرْبِيًّا فَاسْتُرِقَّ وَمَلَكَهُ هَذَا الزَّوْجُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ وَنُقِلَ فِي الْأَسْرَارِ أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْخَمْرُ بِعَيْنِهَا لَوْ تَخَلَّلَتْ لَمْ يَجِبْ تَسْلِيمُهَا، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ تَسْلِيمُ مِثْلِهَا خِلَافَيْ قَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ مَالًا حِينَ سُمِّيَ فَفَسَدَتْ التَّسْمِيَةُ فِي حَقِّ مَا لَيْسَ بِمَالٍ فَلَا يُسْتَحَقُّ تَسْلِيمُهُ بِالتَّسْمِيَةِ تَبَعًا لِوَصْفِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا أَمْهَرَ عَبْدَيْنِ وَأَحَدُهُمَا حُرٌّ فَمَهْرُهَا الْعَبْدُ) يَعْنِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا سَاوَى عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَإِلَّا كَمُلَ لَهَا الْعَشَرَةُ؛ لِأَنَّهُ مُسَمًّى وَوُجُوبُ الْمُسَمَّى وَإِنْ قَلَّ يَمْنَعُ وُجُوبَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَهَا الْعَبْدُ وَقِيمَةُ الْحُرِّ لَوْ كَانَ عَبْدًا؛ لِأَنَّهُ أَطْمَعَهَا سَلَامَةَ الْعَبْدَيْنِ وَعَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِ أَحَدِهِمَا فَتَجِبُ قِيمَتُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ رِوَايَةً عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَهَا الْعَبْدُ الْبَاقِي وَتَمَامُ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرَ مِنْ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا حُرَّيْنِ يَجِبُ تَمَامُ مَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَهُ فَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا عَبْدًا يَجِبُ الْعَبْدُ وَتَمَامُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَالِاخْتِلَافُ هُنَا فَرْعٌ عَلَى قَوْلِهِمْ السَّابِقِ وَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا سَمَّى لَهَا وَشَرَطَ مَعَهُ مَنْفَعَةً وَلَمْ يُوفِ حَيْثُ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا رَضِيَتْ بِالْمُسَمَّى عَلَى تَقْدِيرِ حُصُولِ الْمَنْفَعَةِ فَعِنْدَ عَدَمِ الْوَفَاءِ بِهَا لَمْ تَكُنْ رَاضِيَةً بِالْمُسَمَّى أَصْلًا، وَأَمَّا هُنَا فَقَدْ رَضِيَتْ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبْدَيْنِ ثُمَّ لَمَّا ظَهَرَ أَحَدُهُمَا حُرًّا لَمْ يَجِبْ مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْمُسَمَّى فِي أَحَدِهِمَا لِوُجُودِ رِضَاهَا فِيهِ مَنَعَ ذَلِكَ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ

وَقَدْ يُقَالُ إنَّهَا إنَّمَا رَضِيَتْ بِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَى أَنَّهُ بَعْضُ الْمَهْرِ لَا كُلُّهُ فَإِذَا ظَهَرَ أَنَّهُ كُلُّ الْمَهْرِ لَمْ تَكُنْ رَاضِيَةً بِهِ فَيَنْبَغِي وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّهَا هُنَا مُقَصِّرَةٌ فِي الْفَحْصِ عَنْ حَالِ الْمُسَمَّيَيْنِ فَإِنَّهُ مِمَّا يُعْلَمُ بِالْفَحْصِ بِخِلَافِ تِلْكَ الْمَسَائِلِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْإِخْرَاجِ وَطَلَاقَ الضَّرَّةِ إنَّمَا يُعْلَمُ بَعْدَ ذَلِكَ فَكَانَتْ هُنَا مُلْتَزِمَةً لِلضَّرَرِ مَعْنًى لِسُوءِ ظَنِّهَا وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِالْعَبْدَيْنِ الشَّيْئَيْنِ الْحَلَالَيْنِ وَأَرَادَ بِالْحُرِّ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا حَرَامًا فَدَخَلَ فِيهِ مَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الْعَبْدِ، وَهَذَا الْبَيْتِ فَإِذَا الْعَبْدُ حُرٌّ أَوْ عَلَى مَذْبُوحَتَيْنِ فَإِذَا أَحَدُهُمَا مَيِّتَةٌ كَمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَقُيِّدَ بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا حُرًّا إذْ لَوْ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا فَلَهَا الْبَاقِي وَقِيمَةُ الْمُسْتَحَقِّ وَلَوْ اُسْتُحِقَّا جَمِيعًا فَلَهَا قِيمَتُهُمَا، وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ بِخِلَافِ مَا إذَا اُسْتُحِقَّ نِصْفُ الدَّارِ الْمَمْهُورَةِ وَأَنَّ لَهَا الْخِيَارَ إنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ الْبَاقِيَ وَنِصْفَ الْقِيمَةِ

وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ كُلَّ الْقِيمَةِ فَإِذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَيْسَ لَهَا إلَّا النِّصْفُ الْبَاقِي وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَبِيهَا عَتَقَ فَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْأَبُ ثُمَّ مَلَكَهُ الزَّوْجُ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ لَهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا إلَّا الْأَبُ وَلَوْ مَلَكَهُ الزَّوْجُ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ لَهَا فَلَيْسَ لَهَا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَالِاخْتِلَافُ هُنَا فَرْعٌ عَلَى قَوْلِهِمْ السَّابِقِ) قَالَ فِي النَّهْرِ فَعِنْدَ الْإِمَامِ تَسْمِيَةُ الْعَبْدِ عِنْدَ الْإِشَارَةِ إلَى الْحُرِّ لَغْوٌ فَصَارَ كَأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ فَقَطْ وَاعْتَبَرَهَا الثَّانِي وَإِذَا سَمَّى عَبْدَيْنِ وَعَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِ أَحَدِهِمَا وَجَبَتْ قِيمَتُهُ وَمُحَمَّدٌ يَقُولُ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ لَكِنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِتَمْلِيكِ بُضْعِهَا بِعَبْدٍ وَاحِدٍ فَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا. (قَوْلُهُ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ إلَخْ) قَدْ ذَكَرَ فِي الْفَتْحِ هَذَا الْجَوَابَ أَوَّلًا ثُمَّ رَدَّهُ فِي تَوْجِيهِ الْأَقْوَالِ، وَرَجَّحَ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ، فَقَالَ الْأَوْجَهُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>