للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ فَإِنْ فَرَضَ الْقَاضِي أَوْ الزَّوْجُ بَعْدَ الْعَقْدِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ يَجْرِي ذَلِكَ مَجْرَى التَّقْدِيرِ لِمَا وَجَبَ بِالْعَقْدِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ زَادَ أَوْ نَقَصَ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الْوَاجِبِ صَحِيحَةٌ وَالْحَطُّ عَنْهُ جَائِزٌ اهـ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ لِهَذِهِ الْأَوْصَافِ وَقْتَ التَّزْوِيجِ وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ مَاتَ فِي غُرْبَةٍ وَخَلَفَ زَوْجَتَيْنِ غَرِيبَتَيْنِ تَدَّعِيَانِ الْمَهْرَ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا قَالَ كَمْ مَهْرُ مِثْلِهِمَا وَلَيْسَ لَهُمَا أَخَوَاتٌ فِي الْغُرْبَةِ قَالَ يُحْكَمُ بِجَمَالِهِمَا بِكَمْ يُنْكَحُ مِثْلُهُنَّ، فَقِيلَ لَهُ يَخْتَلِفُ بِالْبُلْدَانِ قَالَ إنْ وُجِدَ فِي بَلَدِهِمَا يُسْأَلُ وَإِلَّا فَلَا يُعْطَى لَهُمَا شَيْءٌ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَمِنْ الْأَجَانِبِ) شَامِلٌ لِمَسْأَلَتَيْنِ إحْدَاهُمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ أَبِيهَا الثَّانِيَةُ إذَا كَانَ لَهَا أَقَارِبُ مِنْهُمْ لَكِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِمْ مَنْ يُمَاثِلُهَا فِي الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا يُعْتَبَرُ مَهْرُهَا بِأَجْنَبِيَّةٍ مَوْصُوفَةٍ بِذَلِكَ وَفِي الْخُلَاصَةِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِثْلُهَا فِي قَرَابَتِهَا يُنْظَرُ فِي قَبِيلَةٍ أُخْرَى مِثْلِهَا أَيْ مِثْلِ قَبِيلَةِ أَبِيهَا كَذَا فُسِّرَ الضَّمِيرُ فِي مِثْلِهَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُرْجَعَ إلَى الْمَرْأَةِ لِيَكُونَ مُوَافِقًا لِمَا فِي الْمُخْتَصَرِ مِنْ الِاعْتِبَارِ بِالْأَجْنَبِيَّاتِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ قَبِيلَةٍ مُمَاثِلَةٍ لِقَبِيلَةِ أَبِيهَا أَوْ لَا وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يُعْتَبَرُ بِالْأَجْنَبِيَّاتِ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَهَا أَقَارِبُ وَإِلَّا امْتَنَعَ الْقَضَاءُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ اهـ.

وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْقَضَاءَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لَمْ يَنْحَصِرْ فِي النَّظَرِ إلَى مَنْ يُمَاثِلُهَا مِنْ النِّسَاءِ بَلْ لَوْ فَرَضَ لَهَا الْقَاضِي شَيْئًا مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ صَحَّ كَمَا فِي الْمُحِيطِ فَالْمَرْوِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ بِالْأَجْنَبِيَّاتِ صَحِيحٌ مُطْلَقًا وَيَفْرِضُ الْقَاضِي لَهَا الْمَهْرَ فَلَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ امْتِنَاعُ الْقَضَاءِ بِهِ لَوْ أُجْرِيَ عَلَى عُمُومِهِ.

(قَوْلُهُ وَصَحَّ ضَمَانُ الْوَلِيِّ الْمَهْرَ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الِالْتِزَامِ، وَقَدْ أَضَافَهُ إلَى مَا يَقْبَلُهُ فَيَصِحُّ وَالْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ فِي الصِّحَّةِ أَمَّا فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فَلَا؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ لِوَارِثِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ دَيْنٍ ضَمِنَهُ عَنْ وَارِثِهِ أَوْ لِوَارِثِهِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ وَارِثًا لَهُ فَالضَّمَانُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي ضَمَانِ الْأَجْنَبِيّ وَأُطْلِقَ فِي الْوَلِيِّ فَشَمِلَ وَلِيَّ الْمَرْأَةِ وَوَلِيَّ الزَّوْجِ الصَّغِيرَيْنِ وَالْكَبِيرَيْنِ أَمَّا وَلِيُّ الزَّوْجِ الْكَبِيرُ فَهُوَ وَكِيلٌ عَنْهُ كَالْأَجْنَبِيِّ وَوِلَايَتُهُ عَلَيْهِ وِلَايَةُ اسْتِحْبَابٍ وَحُكْمُ ضَمَانِ مَهْرِهِ كَحُكْمِ ضَمَانِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ ضَمِنَ عَنْهُ بِإِذْنِهِ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ صَغِيرًا بِأَنْ زَوَّجَ ابْنَهُ وَضَمِنَ لِلْمَرْأَةِ مَهْرَهَا فَلِأَنَّ الْوَلِيَّ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ فِيهِ وَلَيْسَ بِمُبَاشِرٍ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى لَهُ شَيْئًا ثُمَّ ضَمِنَ عَنْهُ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ حَيْثُ لَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ؛ لِأَنَّهُ أَصِيلٌ فِيهِ فَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ ضَمِنَ أَوْ لَمْ يَضْمَنْ وَلَا بُدَّ فِي صِحَّتِهِ مِنْ قَبُولِ الْمَرْأَةِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْكَفَالَاتِ، وَالْمَجَانِينُ كَالصِّبْيَانِ فِي ذَلِكَ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَاسْتُفِيدَ مِنْ صِحَّةِ الضَّمَانِ أَنَّ لَهَا مُطَالَبَةَ الْوَلِيِّ وَمُطَالَبَةَ الزَّوْجِ وَإِذَا بَلَغَ لَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ وَأَنَّهُ لَوْ أَدَّى الْأَبُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ لَا رُجُوعَ لَهُ إلَّا بِالْأَمْرِ وَلَمْ يُوجَدْ لَكِنْ ذُكِرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ إنْ شُرِطَ الرُّجُوعُ فِي أَصْلِ الضَّمَانِ فَلَهُ الرُّجُوعُ كَأَنَّهُ كَالْإِذْنِ مِنْ الْبَالِغِ فِي الْكَفَالَةِ وَفِي فَتَاوَى الْوَلْوَالِجِيِّ لَا رُجُوعَ لَهُ إلَّا إذَا أَشْهَدَ عِنْدَ الْأَدَاءِ أَنَّهُ يُؤَدِّي لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا أَعْنِي عَدَمَ الرُّجُوعِ إذَا لَمْ يُشْهِدْ مُقَيَّدٌ

ــ

[منحة الخالق]

وَيُمْكِنُ إرْجَاعُهُ إلَى صُورَةِ فَرْضِ الْقَاضِي بِأَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ الْقَاضِيَ مَا حَكَمَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ إلَّا بَعْدَ النَّظَرِ وَالتَّأَمُّلِ فِي أَمْثَالِهَا فَإِنْ كَانَ مَا حُكِمَ بِهِ زَائِدًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ نَاقِصًا يَكُونُ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي الْمَهْرِ أَوْ حَطًّا عَنْهُ وَذَلِكَ جَائِزٌ بِالتَّرَاضِي فَيَكُونُ الْحُكْمُ بِهِ نَافِذًا أَيْضًا عَلَيْهِمَا كَمَا لَوْ حَكَمَ بِشَهَادَةِ الزُّورِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ التَّسَاوِي فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ كُلُّهَا فِي قَوْمِ أَبِيهَا يُعْتَبَرُ الْمَوْجُودُ مِنْهَا، وَكَذَا فِي الْبُرْجَنْدِيِّ مُعَلَّلًا بِأَنَّ اجْتِمَاعَ هَذِهِ الْأَوْصَافِ فِي امْرَأَتَيْنِ يَتَعَذَّرُ كَذَا فِي حَوَاشِي مِسْكِينٍ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْمَرْأَةِ) دَفَعَهُ فِي النَّهْرِ بِقَوْلِ الشَّارِحِ الزَّيْلَعِيِّ مِنْ قَبِيلَةٍ مِثْلَ قَبِيلَةِ أَبِيهَا قَالَ وَهُوَ مُقَيَّدٌ لِإِطْلَاقِ الْكِتَابِ وَمَا فُسِّرَ بِهِ فِي الْفَتْحِ كَلَامُ الْخُلَاصَةِ مُتَعَيِّنٌ. (قَوْلُهُ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيَجِبُ حَمْلُهُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ لَا كَلَامَ فِي نَفْيِ هَذَا الْوُجُوبِ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ إذْ لَوْ حُمِلَ عَلَيْهِ لَكَانَ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ فَمَا مَعْنَى ذِكْرِهَا. (قَوْلُهُ وَإِلَّا امْتَنَعَ الْقَضَاءُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ مُسَلَّمٌ لَوْ لَمْ يَكُنْ قَضَاءُ الْقَاضِي مُطْلَقًا أَوْ بِاعْتِبَارِ حَالِهَا بِنَفْسِهَا دَاخِلًا فِي مُسَمَّى مَهْرِ الْمِثْلِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَلَا يَضُرُّ وَيَكُونُ الْحُكْمُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَوْ وُجِدَ الْمِثْلُ وَالْأَجْنَبِيَّةُ لَيْسَتْ بِمِثْلٍ فَعِنْدَ عَدَمِهِ يَقْضِي الْقَاضِي مُطْلَقًا أَوْ مُعْتَبِرًا حَالَهَا

وَأَمَّا لَوْ أَلْحَقْنَاهُ بِهِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ وَالْمَعْنَى فِيهِ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ الْمِثْلُ فِي الْأَقَارِبِ تَعَذَّرَتْ أَوْ تَعَسَّرَتْ الْمُمَاثَلَةُ فَيَنْظُرُ الْقَاضِي نَظَرَهُ عَلَى الثَّانِي إنْ نَظَرَهُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَسْتَنِدَ إلَى مَا يُسَهِّلُ عَلَيْهِ طَرِيقَ الْقَضَاءِ فَكَانَ فِي حُكْمِ الْقَضَاءِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ هَذَا وَقَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى إلَخْ أَقُولُ: لَا بُدَّ مِنْ مُمَاثَلَتِهَا لِمَنْ فِي الْقَبِيلَةِ الْمُمَاثِلَةِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ وَلَا بُدَّ مِنْ الشَّيْئَيْنِ وَبِهِ عَلِمْت مَا فِي كَلَامِ الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ وَالنَّهْرِ (قَوْلُهُ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْقَضَاءَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَأَنْتَ قَدْ عَلِمْت بِأَنَّ مَا فِي الْمُحِيطِ لَا يُمْكِنُ إجْرَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَلَمْ يَتِمَّ الِاسْتِشْهَادُ بِهِ اهـ. وَأَنْتَ قَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ.

(قَوْلُهُ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ) وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا نَظَرَ فِيهِ فِي النَّهْرِ بِمَا يَأْتِي عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ، ثُمَّ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>