للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَا إذَا بَاعَ مَالَ الصَّغِيرِ وَضَمِنَ الثَّمَنَ عَنْ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ أَصِيلٌ فِيهِ حَتَّى تَرْجِعَ الْحُقُوقُ عَلَيْهِ وَيَصِحَّ إبْرَاؤُهُ مِنْ الثَّمَنِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ لَكِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِلْوَلَدِ لِتَعَدِّيهِ بِالْإِبْرَاءِ وَيَمْلِكُ قَبْضَ الثَّمَنِ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَلَوْ صَحَّ الضَّمَانُ لَصَارَ ضَامِنًا لِنَفْسِهِ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ (وَتُطَالِبُ زَوْجَهَا أَوْ وَلِيَّهَا) مَخْصُوصٌ بِمَا إذَا كَانَ الضَّامِنُ وَلِيَّهَا مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ أَعَمُّ فَلَوْ قَالَ وَتُطَالِبُ زَوْجَهَا أَوْ الْوَلِيَّ الضَّامِنَ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَ الضَّامِنُ وَلِيَّهُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ الزَّيْلَعِيِّ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَالْمُطَالَبَةُ إلَى وَلِيِّ الزَّوْجِ مَكَانَ وَلِيِّهَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ عَلَيْهِ لَا إلَيْهِ وَجَعْلُ إلَيَّ بِمَعْنَى عَلَيَّ هُنَا مَجَازًا بَعِيدٌ كَمَا لَا يَخْفَى وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ الزَّوْجِ بِالْبُلُوغِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا مُطَالَبَةُ الصَّغِيرِ بَلْ وَلِيِّهَا فَقَطْ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ صِحَّةِ ضَمَانِهِ لَهَا مِنْ قَبُولِهَا أَوْ قَبُولِ قَابِلٍ فِي الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ شَطْرٌ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَا وَرَاءِ الْمَجْلِسِ فِي الْمَذْهَبِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ وَإِطْلَاقُهُمْ صِحَّةَ ضَمَانِهِ مَهْرَ الصَّغِيرَةِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ قَبُولُ أَحَدٍ فِي الْمَجْلِسِ وَأَنَّ إيجَابَهُ يَكُونُ مَقَامَ الْقَبُولِ عَنْهَا وَلَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ بِصِحَّةِ وَلِيِّهَا إذْ ضَمَانُهُ فِي مَرَضِهِ بَاطِلٌ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ الضَّمَانَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ لِلْوَارِثِ أَوْ عَنْهُ بَاطِلٌ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَتْ مُولِيَتُهُ وَارِثَتَهُ

وَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ وَارِثَتَهُ كَمَا إذَا كَانَتْ بِنْتَ عَمِّهِ مَثَلًا وَلَهُ وَارِثٌ يَحْجُبُهَا فَالضَّمَانُ صَحِيحٌ مُطْلَقًا كَمَا لَا يَخْفَى وَيَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَأَشَارَ بِصِحَّةِ ضَمَانِ الْوَلِيِّ إلَى صِحَّةِ ضَمَانِ الرَّسُولِ فِي النِّكَاحِ وَالْوَكِيلِ بِالْأَوْلَى فَلَوْ ضَمِنَ الرَّسُولُ الْمَهْرَ ثُمَّ جَحَدَ الزَّوْجُ الرِّسَالَةَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيمَا يَلْزَمُ الرَّسُولَ وَصُحِّحَ فِي الْمُحِيطِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا طَلَبَتْ التَّفْرِيقَ مِنْ الْقَاضِي وَفُرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ كَانَ لَهَا عَلَى الرَّسُولِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَإِنْ لَمْ تَطْلُبْ التَّفْرِيقَ كَانَ لَهَا جَمِيعُ الْمَهْرِ وَلَوْ زَوَّجَهُ الْوَكِيلُ عَلَى أَلْفٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ عَلَى هَذِهِ الْأَلْفِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَلَوْ ضَمِنَ الْمَهْرَ لَزِمَهُ فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالْخُلْعِ فَإِنَّهُ إذَا ضَمِنَ الْبَدَلَ عَنْهَا رَجَعَ بِهِ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ تَأْمُرْهُ بِالضَّمَانِ لِانْصِرَافِ التَّوْكِيلِ إلَى الْأَمْرِ بِالضَّمَانِ لِصِحَّةِ الْخُلْعِ بِلَا تَوْكِيلٍ مِنْهَا بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ بِلَا تَوْكِيلٍ مِنْهَا فَانْصَرَفَ الْأَمْرُ إلَيْهِ وَلَوْ زَوَّجَهُ الْوَكِيلُ امْرَأَةً عَلَى عَرْضِهِ جَازَ فَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ رَجَعَتْ بِقِيمَتِهِ عَلَى الزَّوْجِ وَفِي الْخُلْعِ تَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ وَالْكُلُّ مِنْ الْمُحِيطِ.

(قَوْلُهُ وَلَهَا مَنْعُهُ مِنْ الْوَطْءِ وَالْإِخْرَاجِ لِلْمَهْرِ وَإِنْ وَطِئَهَا) أَيْ لِلْمَرْأَةِ مَنْعُ نَفْسِهَا مِنْ وَطْءِ الزَّوْجِ وَإِخْرَاجِهَا مِنْ بَلَدِهَا حَتَّى يُوفِيَهَا مَهْرَهَا وَإِنْ كَانَتْ قَدْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا لِلْوَطْءِ فَوَطِئَهَا لَتَعَيَّنَ حَقُّهَا فِي الْبَدَلِ كَمَا تَعَيَّنَ حَقُّ الزَّوْجِ فِي الْمُبْدَلِ فَصَارَ كَالْبَيْعِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَأُورِدَ عَلَيْهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّ هَذَا التَّحْلِيلَ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي الصَّدَاقِ الدَّيْنِ، أَمَّا الْعَيْنُ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَلَا؛ لِأَنَّهَا بِالْعَقْدِ مَلَكَتْهُ وَتَعَيَّنَ حَقُّهَا فِيهِ حَتَّى مَلَكَتْ عِتْقَهُ اهـ.

وَقَدْ قَالُوا فِي بَيْعِ الْمُقَايَضَةِ يُقَالُ لَهُمَا سَلِّمَا مَعًا وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ فَلَهَا الْمَنْعُ قَبْلَهُ وَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ أَنَّ مِثْلَهُ لَا يَتَأَتَّى فِي النِّكَاحِ إذَا كَانَ الْمَهْرُ عَبْدًا مُعَيَّنًا مَثَلًا وَلَا فِي مَعِيَّةِ الْخَلْوَةِ لِإِطْلَاقِ الْجَوَابِ بِأَنَّ لَهَا الِامْتِنَاعَ إلَى أَنْ تَقْبِضَ اهـ.

فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّسْلِيمِ هُنَا التَّخْلِيَةُ بِرَفْعِ الْمَوَانِعِ وَهُوَ مُمْكِنٌ فِي الْعَبْدِ أَيْضًا بِأَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ بِشُرُوطِ التَّخْلِيَةِ وَتُخِلِّي بَيْنَهَا وَبَيْنَ نَفْسِهَا بِرَفْعِ الْمَوَانِعِ مِنْهَا وَيَكُونَا سَوَاءً، وَهَذَا قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى النَّقْلِ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمُحِيطِ

وَإِنْ كَانَ الْمَهْرُ عَيْنًا فَإِنَّهُمَا يَتَقَابَضَانِ كَمَا فِي بَيْعِ الْمُقَايَضَةِ اهـ.

وَبِهَذَا سَقَطَ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ) أَيْ صُورَةِ مَا إذَا كَانَ الضَّامِنُ وَلِيَّهُ وَسَمَّاهَا ثَانِيَةً نَظَرًا إلَى قَوْلِهِ لِيَشْمَلَ وَإِنْ كَانَ فِي التَّقْرِيرِ ذَكَرَهَا أَوَّلًا.

(قَوْلُهُ لَتَعَيَّنَ حَقُّهَا فِي الْبَدَلِ) الَّذِي فِي الْفَتْحِ لِيَتَعَيَّنَ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ، وَقَدْ وُجِدَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ. (قَوْلُهُ وَأُورِدَ عَلَيْهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ) أَجَابَ عَنْهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ التَّعْيِينُ التَّامُّ الْمُخْرَجُ عَنْ الضَّمَانِ وَلَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ، أَلَا تَرَى أَنَّ عَبْدَ الْمَهْرِ فِي ضَمَانِهِ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَالُوا فِي بَيْعِ الْمُقَايَضَةِ إلَخْ) تَمْهِيدٌ لِمَا بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إلَخْ لَا جَوَابَ عَمَّا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّ مِثْلَهُ لَا يَتَأَتَّى فِي النِّكَاحِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ يَعْنِي الْقَوْلُ لَهُمَا سَلِمَا مَعًا وَقَوْلُهُ وَلَا فِي مَعِيَّةِ الْخَلْوَةِ يَعْنِي لَا يَتَأَتَّى مِثْلُهُ فِي النِّكَاحِ وَلَا فِي مَعِيَّةِ الْخَلْوَةِ أَيْ أَنْ يُقَالَ لَهُمَا سَلِّمَا مَعًا فِيهِمَا أَيْ لَا يَتَأَتَّى مَعِيَّةُ الْخَلْوَةِ وَتَسْلِيمُ الْمَهْرِ مَعًا. (قَوْلُهُ لِإِطْلَاقِ الْجَوَابِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ لَا يَتَأَتَّى أَيْ لَا يَتَأَتَّى التَّسْلِيمُ هُنَا كَمَا فِي بَيْعِ الْمُقَايَضَةِ لِقَوْلِهِمْ لَهَا الِامْتِنَاعُ إلَى أَنْ تَقْبِضَ.

(قَوْلُهُ وَبِهَذَا سَقَطَ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ) قَالَ فِي النَّهْرِ مَا فِي الْفَتْحِ مَنْقُولٌ كَلَامهمْ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَإِذَا كَانَ يَعْنِي الثَّمَنُ عَيْنًا يُسَلَّمَانِ مَعًا وَهَاهُنَا يُقَدَّمُ تَسْلِيمُ الْمَهْرِ عَلَى كُلِّ حَالٍّ سَوَاءٌ كَانَ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ وَالتَّسْلِيمَ مَعًا مُتَعَذِّرٌ وَلَا تَعَذُّرَ فِي الْبَيْعِ اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ وَلَا يُشْتَرَطُ إحْضَارُ الْمَرْأَةِ لِاسْتِيفَاءِ الْأَبِ مَهْرَ بِنْتِهِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ يُشْتَرَطُ لَهُمَا أَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ أَنَّ تَسْلِيمَ الْمَرْأَةِ يَتَأَخَّرُ عَنْ قَبْضِ صَدَاقِهَا زَمَانًا فَلَمَّا عِلْم الزَّوْجُ بِذَلِكَ كَانَ رَاضِيًا بِتَعْجِيلِ الصَّدَاقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>