للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَاخْتَارَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ والولوالجية وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَكَثِيرٌ أَنَّهُ يُبْدَأُ بِيَمِينِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ التَّسْلِيمَيْنِ عَلَيْهِ فَيَكُونُ أَوَّلُ الْيَمِينَيْنِ عَلَيْهِ كَتَقْدِيمِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ فِي التَّحَالُفِ وَالْخِلَافُ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ حَتَّى لَوْ بَدَأَ بِأَيِّهِمَا كَانَ جَازَ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَيَّدْنَا بِعَدَمِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قُضِيَ بِبَيِّنَتِهِ، وَإِنَّمَا سَكَتَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِهِ فِي بَابِهِ وَعِبَارَتِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْمَهْرِ قُضِيَ لِمَنْ بَرْهَنَ وَإِنْ بَرْهَنَا فَلِلْمَرْأَةِ وَإِنْ عَجَزَا تَحَالَفَا إلَى آخِرِهِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ بَرْهَنَا فَلِلْمَرْأَةِ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ شَاهِدًا لَهُ أَوْ لَهَا أَوْ بَيْنَهُمَا وَفِي الْأَوَّلِ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَتُهَا؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ أَمْرًا زَائِدًا

وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَفِيهِ اخْتِلَافٌ ذَكَرَهُ فِي الْبَدَائِعِ قَالَ بَعْضُهُمْ يُقْضَى بِبَيِّنَتِهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا أَظْهَرَتْ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا بِتَصَادُقِهِمَا، وَأَمَّا الظُّهُورُ بِشَهَادَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ لِمَا قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ حُجَّةً عَلَى الْغَيْرِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُقْضَى بِبَيِّنَةِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ تُظْهِرُ حَطَّ الْأَلْفِ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَبَيِّنَتَهَا لَا تُظْهِرُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْأَلْفَيْنِ كَانَتْ ظَاهِرَةً بِشَهَادَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَهَذَا الْقَوْلُ جَزَمَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ فِي بَابِ التَّحَالُفِ وَفِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَأَمَّا فِي الثَّالِثِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا يَتَهَاتَرَانِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الدَّعْوَى وَالْإِثْبَاتِ ثُمَّ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ كُلُّهُ فَيَتَخَيَّرُ فِيهِ الزَّوْجُ بَيْنَ دَفْعِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ بِخِلَافِ التَّحَالُفِ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَنْفِي تَسْمِيَةَ صَاحِبِهِ فَخَلَا الْعَقْدُ عَنْ التَّسْمِيَةِ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَا كَذَلِكَ التَّحَالُفُ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ قَدْرِ مَا يُقِرُّ بِهِ الزَّوْجُ بِحُكْمِ الِاتِّفَاقِ وَالزَّائِدُ بِحُكْمِ مَهْرِ الْمِثْلِ هَكَذَا ذَكَرَهُ الْكَرْمَانِيُّ

وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ أَنَّهُ يَجِبُ قَدْرُ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ مُسَمًّى وَالزَّائِدُ عَلَى أَنَّهُ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا فِي التَّحَالُفِ. وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا لَا يَخْفَى وَفِي الْمُحِيطِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَجُلٌ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ بِأَلْفٍ وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفَيْنِ فَالْمَهْرُ أَلْفٌ وَلَوْ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ بِأَلْفٍ وَأَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً أَنَّهُ بَاعَهَا مِنْهُ بِأَلْفَيْنِ فَهِيَ بِأَلْفَيْنِ وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْبَيْعِ أَمْكَنَ الْعَمَلُ بِالْبَيِّنَتَيْنِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ أَوَّلًا ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِأَلْفَيْنِ ثَانِيًا كَمَا سَيَأْتِي فَيَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ وَالنِّكَاحَ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ وَكُلٌّ مِنْهُمَا ادَّعَى عَقْدًا غَيْرَ مَا ادَّعَاهُ الْآخَرُ فَتَهَاتَرَتْ الْبَيِّنَتَانِ وَوَجَبَ لَهَا الْأَلْفُ بِاعْتِرَافِ الزَّوْجِ اهـ فَإِنْ كَانَ هَذَا مِنْ مُحَمَّدٍ نَقْلًا لِلْمَذْهَبِ لَا قَوْلَهُ وَحْدَهُ فَمَعْنَى قَوْلِهِمْ وَإِنْ بَرْهَنَا فَلِلْمَرْأَةِ مَا إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَتُهُ بِأَنَّ الْمَهْرَ أَلْفٌ وَبَيِّنَتَهَا بِأَنَّ الْمَهْرَ أَلْفَانِ وَلَمْ تَقَعْ الشَّهَادَةُ بِالْعَقْدِ

أَمَّا إذَا وَقَعَتْ بِالْعَقْدِ وَمَعَهُ مُسَمًّى فَقَدْ عَلِمَتْ حُكْمَهُ وَأُطْلِقَ فِي الْقَدْرِ فَشَمِلَ النَّقْدَ وَالْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ لِمَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَ الْمَهْرُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا بِعَيْنِهِ فَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَذْرُوعِ فَهُوَ مِثْلُ الِاخْتِلَافِ فِي الْأَلْفِ وَالْأَلْفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي الذَّاتِ، أَلَا تَرَى أَنَّ إزَالَةَ الْبَعْضِ مِنْهُ لَا تُنْقِصُ الْبَاقِيَ اهـ.

وَحَاصِلُ الِاخْتِلَافِ فِي الْقَدْرِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَهْرُ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا فَإِنْ كَانَ دَيْنًا مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ بِأَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَكِيلٍ مَوْصُوفٍ أَوْ مَوْزُونٍ أَوْ مَذْرُوعٍ كَذَلِكَ فَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَكِيلِ وَالْوَزْنِ وَالذَّرْعِ فَهُوَ كَالِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَإِنْ كَانَ عَيْنًا فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ الْعَقْد بِقَدْرِهِ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى طَعَامٍ بِعَيْنِهِ فَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ، فَقَالَ الزَّوْجُ تَزَوَّجْتُك عَلَى هَذَا الطَّعَامِ عَلَى أَنَّهُ كُرٌّ، فَقَالَتْ إنَّهُ كُرَّانِ فَهُوَ كَالْأَلْفِ وَالْأَلْفَيْنِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِقَدْرِهِ بِأَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ كُلُّ ذِرَاعٍ مِنْهُ يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَاخْتَلَفَا، فَقَالَ الزَّوْجُ تَزَوَّجْتُك عَلَى هَذَا الثَّوْبِ بِشَرْطِ أَنَّهُ ثَمَانِيَةُ أَذْرُعٍ، فَقَالَتْ بِشَرْطِ أَنَّهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ لَا يَتَحَالَفَانِ وَلَا يُحْكَمُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَهَذِهِ وَارِدَةٌ عَلَى إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ

وَجَوَابُهُ أَنَّ الْقَدْرَ فِي الثَّوْبِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَجْزَائِهِ حَقِيقَةً لَكِنَّهُ جَارٍ مَجْرَى الْوَصْفِ وَهُوَ صِفَةُ الْجَوْدَةِ شَرْعًا؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ صِفَةَ الْجَوْدَةِ لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَجْزَاءِ، وَلِذَا كَانَ الزَّائِدُ لِلْمُشْتَرِي

ــ

[منحة الخالق]

الرَّازِيّ يُؤْذِنُ بِتَرْجِيحِهِ وَصَحَّحَهُ فِي النِّهَايَةِ وَقَالَ قَاضِي خَانْ أَنَّهُ الْأَوْلَى وَاخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ لَهُ هُنَا لَا يُنَافِي اخْتِيَارَ غَيْرِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَحَمْلُ كَلَامِهِ هُنَا عَلَى مَا قَالَهُ فِي التَّحَالُفِ ظَاهِرُ الْبُعْدِ إذْ وُجُوبُ الْمَسْأَلَةِ حِينَئِذٍ تَحَالُفًا وَحُكْمُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا دَلَالَةَ فِي كَلَامِهِ عَلَى هَذَا الْمَحْذُوفِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ التَّسْلِيمَيْنِ عَلَيْهِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ تَسْلِيمِ الْمَهْرِ أَوَّلًا ثُمَّ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا. (قَوْلُهُ وَقَيَّدْنَا بِعَدَمِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ) أَيْ بِقَوْلِهِ فِي صَدْرِ الْمَقُولَةِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ.

(قَوْلُهُ فَمَعْنَى قَوْلِهِمْ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَتَدَبَّرْهُ. (قَوْلُهُ فَقَدْ عَلِمْت حُكْمَهُ) أَيْ مِمَّا نَقَلَهُ فِي الْمُحِيطِ عَنْ مُحَمَّدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>