للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَتَسْلِيمُهَا نَفْسَهَا غَيْرُ صَحِيحٍ فَلِلْوَلِيِّ اسْتِرْدَادُهَا وَلَيْسَ لِغَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ أَنْ يُسَلِّمَهَا إلَى الزَّوْجِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الصَّدَاقَ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ قَبْضِهِ فَإِنْ سَلَّمَهَا فَهُوَ فَاسِدٌ وَتُرَدُّ إلَى بَيْتِهَا كَمَا فِي التَّجْنِيسِ وَغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَهْرِ حُكِمَ مَهْرُ الْمِثْلِ) أَيْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي قَدْرِهِ بِأَنْ ادَّعَى أَلْفًا وَهِيَ أَلْفَيْنِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يُجْعَلُ مَهْرُ الْمِثْلِ حُكْمًا فَإِنْ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَلْفًا أَوْ أَقَلَّ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ بِاَللَّهِ مَا تَزَوَّجْتهَا عَلَى أَلْفَيْنِ فَإِنْ حَلَفَ لَزِمَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ تَسْمِيَةً وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ مَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى أَنَّهُ مُسَمًّى لِإِقْرَارِهِ أَوْ بَذْلِهِ بِالنُّكُولِ وَإِنْ كَانَ أَلْفَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ مَا تَزَوَّجْته بِأَلْفٍ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ أَوْ بِاَللَّهِ مَا رَضِيت بِأَلْفٍ كَمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فَإِنْ نَكَلَتْ فَلَهَا مَا أَقَرَّ بِهِ الزَّوْجُ تَسْمِيَةً لِإِقْرَارِهَا بِهِ وَإِنْ حَلَفَتْ فَلَهَا جَمِيعُ مَا ادَّعَتْ بِقَدْرِ مَا أَقَرَّ بِهِ الزَّوْجُ عَلَى أَنَّهُ مُسَمًّى لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ وَالزَّائِدُ بِحُكْمِ أَنَّهُ مَهْرُ الْمِثْلِ لَا بِالْيَمِينِ حَتَّى يَتَخَيَّرَ فِيهِ الزَّوْجُ بَيْنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَقَلَّ مِمَّا قَالَتْ وَأَكْثَرَ مِمَّا قَالَ تَحَالَفَا وَأَيُّهُمَا نَكَلَ لَزِمَهُ دَعْوَى صَاحِبِهِ وَمَا وَقَعَ فِي النِّهَايَةِ مِنْ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا نَكَلَ لَزِمَهُ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ كَأَنَّهُ غَلَطٌ مِنْ النَّاسِخِ وَإِنْ حَلَفَا وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِقَدْرِ مَا أَقَرَّ بِهِ الزَّوْجُ يَجِبُ عَلَى أَنَّهُ مُسَمًّى وَالزَّائِدُ بِحُكْمِ مَهْرِ الْمِثْلِ حَتَّى يَتَخَيَّرَ فِيهِ بَيْنَ دَفْعِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ

وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ أَعْنِي تَحْكِيمَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَبِنَاءَ الْأَمْرِ عَلَيْهِ وَأَبُو يُوسُفَ لَا يُحْكِمُهُ وَيَجْعَلُ الْقَوْلَ قَوْلَ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِشَيْءٍ مُسْتَنْكَرٍ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مُدَّعِيَةٌ لِلزِّيَادَةِ وَهُوَ يُنْكِرُهَا وَلَهُمَا أَنَّ الْقَوْلَ فِي الدَّعَاوَى قَوْلُ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ الظَّاهِرُ. وَالظَّاهِرُ شَاهِدٌ لِمَنْ يَشْهَدُ لَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ فِي بَابِ النِّكَاحِ وَصَارَ كَالصَّبَّاغِ مَعَ رَبِّ الثَّوْبِ إذَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْأَجْرِ تُحَكَّمُ قِيمَةُ الصَّبْغِ وَاخْتَلَفَا فِي تَفْسِيرِ الْمُسْتَنْكَرِ عِنْدَهُ، فَقِيلَ هُوَ الْمُسْتَنْكَرُ عُرْفًا مَا لَا يَتَعَارَفُ مَهْرًا لَهَا وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْبَدَائِعِ وَشَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ، وَذَكَرَ أَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْهُ، وَقِيلَ هُوَ الْمُسْتَنْكَرُ شَرْعًا وَهُوَ أَنْ يَدَّعِيَ تَزَوُّجَهَا عَلَى أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْهُ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي الْإِسْبِيجَابِيُّ، وَذَكَرَ الْوَبَرِيُّ أَنَّهُ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى مِائَةٍ وَهِيَ تَدَّعِي أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفٌ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ ثُمَّ رَجَعَ لَا يَضْمَنُونَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ لَوْلَا الشَّهَادَةُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَلَمْ يَجْعَلْ الْمِائَةَ مُسْتَنْكَرًا فِي حَقِّهَا وَاخْتَارَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَعِبَارَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِشَيْءٍ قَلِيلٍ وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَلَفْظُ الْجَامِعِ أَبْيَنُ اهـ.

مَعَ أَنَّ الِاحْتِمَالَ مَوْجُودٌ فِيهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْقَلِيلِ مَا قَلَّ شَرْعًا أَوْ عُرْفًا فَسَاوَتْ التَّعْبِيرَ بِالْمُسْتَنْكَرِ الْمَذْكُورِ فِي غَيْرِهِ

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّ تَحْكِيمَ مَهْرِ الْمِثْلِ مُعْتَبَرٌ قَبْلَ التَّحَالُفِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَخْرِيجِ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّحَالُفَ عَلَى تَخْرِيجِهِ فِي فَصْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مَا إذَا خَالَفَ مَهْرُ الْمِثْلِ قَوْلَهُمَا، وَأَمَّا إذَا وَافَقَ قَوْلَ أَحَدِهِمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ شَهَادَةِ الظَّاهِرِ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ التَّحَالُفِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ ثُمَّ يُحَكَّمُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَهُوَ عَلَى تَخْرِيجِ الْكَرْخِيِّ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْمُحِيطِ وَحَاصِلُهُ وُجُوبُ التَّحَالُفِ فِي الْفُصُولِ الثَّلَاثَةِ أَعْنِي مَا إذَا وَافَقَ مَهْرُ الْمِثْلِ قَوْلَهُ أَوْ قَوْلَهَا أَوْ خَالَفَهُمَا فَإِذَا تَحَالَفَا قُضِيَ بِقَوْلِهِ لَوْ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا قَالَ وَبِقَوْلِهَا لَوْ كَانَ كَمَا قَالَتْ وَبِمَهْرِ الْمِثْلِ لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا عِنْدَ سُقُوطِ التَّسْمِيَةِ وَهِيَ لَا تَسْقُطُ إلَّا بِالتَّحَالُفِ.

وَالظَّاهِرُ لَا يَكُونُ حُجَّةً عَلَى الْغَيْرِ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَحَّحَ تَخْرِيجَ الرَّازِيّ فَكَانَ الْمَذْهَبُ تَخْرِيجَ الْكَرْخِيِّ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَيْهِ لِيُطَابِقَ مَا صُرِّحَ بِهِ فِي بَابِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِمَنْ يَبْدَأُ فِي التَّحَالُفِ لِلِاخْتِلَافِ فَذَكَرَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا يَعْنِي اسْتِحْبَابًا؛ لِأَنَّهُ لَا رُجْحَانَ

ــ

[منحة الخالق]

وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ.

(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَهْرِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ الِاخْتِلَافُ فِي الْمَهْرِ إمَّا فِي قَدْرِهِ أَوْ فِي أَصْلِهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا فِي حَالِ الْحَيَاةِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِمَا أَوْ مَوْتِ أَحَدِهِمَا وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا بَعْدَ الدُّخُولِ أَوْ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ لَزِمَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ تَسْمِيَةً) أَيْ لَزِمَتْهُ الْأَلْفُ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا عَلَى أَنَّهَا تَسْمِيَةٌ فَلَا يَتَخَيَّرُ فِيهَا بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَهَا دَرَاهِمَ أَوْ قِيمَتَهَا ذَهَبًا؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ يَكُونُ فِي الزَّائِدِ دُونَ الْمُسَمَّى.

(قَوْلُهُ لِإِقْرَارِهِ أَوْ بَذْلِهِ بِالنُّكُولِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَزِمَهُ أَيْ لَزِمَهُ مَا ادَّعَتْهُ؛ لِأَنَّ النُّكُولَ إقْرَارٌ أَوْ بَذْلٌ عَلَى الْخِلَافِ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ) أَيْ قَدْرَ مَا أَقَرَّ بِهِ الزَّوْجُ فَإِنَّهُ لَا يُتَخَيَّرُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَى أَنَّهُ مُسَمًّى. (قَوْلُهُ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَحَّحَ تَخْرِيجَ الرَّازِيّ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَقُولُ: تَقْدِيمُ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ مَا خَرَّجَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>