إمكان رؤية الله تعالى في الدنيا والآخرة وأوردوا أقوال المذاهب الإسلامية في ذلك. ولقد علّقنا على هذا الموضوع بما فيه الكفاية في سياق سورة القيامة فلا نرى ضرورة للإعادة. وإذا كان من شيء يمكن قوله هنا فهو إن العبارة حكاية لمحاورة بين الله تعالى وموسى وقد وردت في الإصحاح (٣٣) من سفر الخروج.
وقد ورد خبر تجلّي الله على جبل سيناء وارتجافه رجفانا شديدا في الإصحاح (١٩) من هذا السفر. وإن في أخذها مستقلة وبناء حكم عليها إثباتا ونفيا تجوّزا وإخراجا لها من مقامها. والله أعلم.
ولقد أورد ابن كثير في سياق الآية [١٦٤] من سورة النساء حديثا أخرجه ابن مردويه عن أبي هريرة قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما كلّم الله موسى كان يبصر دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء» . وحديثا أخرجه ابن مردويه عن ابن عباس قال:«إنّ الله ناجى موسى بمائة ألف كلمة وأربعين ألف كلمة في ثلاثة أيام وصايا كلها. فلما سمع موسى كلام الآدميين مقتهم مما وقع في مسامعه من كلام الربّ عزّ وجلّ» . وحديثا أخرجه كذلك ابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال:«إن الله لما كلّم موسى يوم الطور كلّمه بغير الكلام الذي كلّمه يوم ناداه فقال له موسى يا ربّ هذا كلامك الذي كلمتني به قال لا يا موسى إنما كلمتك بقوة عشرة آلاف لسان.
ولي قوة الألسنة كلها وأنا أقوى من ذلك. فلما رجع موسى إلى بني إسرائيل قالوا يا موسى صف لنا كلام الرحمن قال لا أستطيعه قالوا فشبه لنا قال ألم تسمعوا إلى صوت الصواعق فإنه قريب منه وليس به» . وحديثا أخرجه عبد الرزاق عن كعب قال:«إن الله لما كلّم موسى كلّمه بالألسنة كلّها سوى كلامه فقال موسى يا ربّ هذا كلامك قال لا ولو كلمتك بكلامي لم تستقم له. قال يا ربّ فهل من خلقك يشبه كلامك قال لا وأشدّ خلقي شبها بكلامي أشدّ ما تسمعون من الصواعق» . وقد نبّه ابن كثير على ضعف أسناد هذه الأحاديث وقال بالنسبة للأخير إنها مما يحكى عن الكتب المتقدمة المشتملة على أخبار بني إسرائيل وفيها الغثّ والسمين.
ويتبادر لنا أن هذا القول يصحّ أن يقال بالنسبة للأحاديث الأخرى حيث نرجح أنها من روايات مسلمي اليهود. والله تعالى أعلم.