وتبدو الآيات كأنها منفصلة عن السياق، ولم نر المفسرين يذكرون شيئا في صدد ذلك، وكل ما قالوه أن الآيات تشير إلى ما كان من خلاف حول عيسى عليه السلام وغيره من الشؤون الدينية، والذي تبادر لنا أن يكون بعض كفار العرب سألوا أحد اليهود في مكة عن أمر الآخرة فأجاب جوابا مبهما أو باعثا على الشك، لأنه لا يوجد في الأسفار نصوص صريحة عن الآخرة وحسابها وعقابها وثوابها كما جاء في القرآن، فأخذ الكفار يعلنون ذلك ويستندون إليه في مواقف الجدل والحجاج والإنكار في صدد الآخرة، وظنوا أنهم استحكموا النبي صلى الله عليه وسلم بالحجة، لأنه يقول لهم بلسان القرآن إنه مصدق لما قبله من الكتب فاقتضت حكمة التنزيل بوحي هذه الآيات بالرد عليهم، والإشارة إلى أن بني إسرائيل قد حاروا في فهم كثير من الحقائق والإشارات واختلفوا، وأن أمر الآخرة في جملة ذلك، وأن القرآن يحتوي الحقائق الصحيحة في كل أمر وفي المسائل التي حاروا فيها واختلفوا. وإذا صحّ هذا بدت الصلة والمناسبة قائمتين بين هذه الآيات والآيات السابقة. ونرجو أن يكون ذلك هو الصحيح لأن ورود الآيات هنا بدون هذا التعليل يبدو مشكلا من وجهة النظم القرآني واتساق السياق.
وعلى كل حال فالآية خطيرة المغزى في حدّ ذاتها بتقريرها أن القرآن يحتوي الحقائق والحلول الصحيحة لمختلف الشؤون التي كان يختلف عليها بنو إسرائيل.
وهناك آيات عديدة أخرى مكية ومدنية فيها إشارة إلى اختلافات النصارى أيضا بالإضافة إلى بني إسرائيل مثل آيات سورة السجدة [٢٣- ٢٥] وفصلت [٤٥] والجاثية [١٦- ١٧] المكية وآيات المائدة [١٣- ١٩- ٤٨] المدنية.
ولقد كتبنا في سياق تفسير آيات [٣٤- ٣٧] من سورة مريم تعليقا على ما