للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تعليق على قصة لوط عليه السلام]

وهذه حلقة خامسة من سلسلة القصص تحتوي قصة لوط عليه السلام ومجيء رسل الله إليه وما كان من التدمير الذي حل بقومه وبلادهم وتنجية لوط وأهله باستثناء زوجته، وآياتها واضحة المعنى. والقصة واردة في الإصحاح (١٩) من سفر التكوين المتداول مقاربة لما جاء في هذه السورة وسورتي الشعراء والأعراف اللتين مرّ تفسيرهما. وقد علقنا عليها في السورتين المذكورتين بما يغني عن التكرار. وتكرارها هنا يتضمن تكرار العبرة في ما كان من إهلاك الله لقوم لوط وامرأته معا وتنجيته والذين آمنوا معه.

وفي الآيات جديد لم يرد في السور السابقة وهو انزعاجه من مجيء رسل الله لأنه لا يقدر على حمايتهم. وهذا مباين لما في سفر التكوين المتداول الذي ذكر أن لوطا ألح عليهم لينزلوا في ضيافته «١» . ونحن نعتقد أن ما جاء في القرآن كان متداولا وواردا في قراطيس أخرى، وهو المتسق مع ما حكي من أخلاق قوم لوط وعاداتهم السيئة التي كان لوط يعرفها بطبيعة الحال. وفي تفسير الطبري وغيره لهذه الآيات بيانات كثيرة معزوة إلى علماء الصدر الأول فيها ما هو المتطابق مع سفر التكوين وغير المتطابق، لم نر ضرورة ولا طائلا لإيراده أو تلخيصه هنا لأنه غير متصل بالهدف القرآني ويدل على كل حال على تداول تفصيلات لم ترد في السفر عن هذه القصة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم وبيئته، مما فيه دعم لما نقول.

[سورة هود (١١) : الآيات ٨٤ الى ٩٥]

وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (٨٤) وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٨٥) بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (٨٦) قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (٨٧) قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَما تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (٨٨)

وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (٨٩) وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (٩٠) قالُوا يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ (٩١) قالَ يا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (٩٢) وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (٩٣)

وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ (٩٤) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ (٩٥)


(١) انظر الإصحاح ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>