هو واضح. وكمناسبة قريبة فإن فيها تدعيما لما شرحناه في صدد الآية الثامنة من السورة.
تعليق على آية شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ
والآية في حدّ ذاتها احتوت تنويها بوحدة المنبع والمبادئ في الأديان التي جاء بها رسل الله. وتوكيدا بوجوب الثبات على ذلك وعدم الانقسام والتفرق فيه. ثم تقريرا بأن الرسالة المحمدية تنبع من نفس المنبع، وتقوم على نفس المبادئ، وتتقيد بالواجب الذي أمر الله بالثبات عليه وعدم الانقسام والتفرق فيه.
وقد استهدفت بالإضافة إلى ذلك إقناع العرب بأن الرسالة المحمدية ليست بدعة جديدة وإنما هي نفس الدعوة التي دعا إليها الأنبياء السابقون وهذا يلهم أن العرب كانوا يعرفون ويعترفون بأن الله تعالى أرسل قبل النبي صلى الله عليه وسلم أنبياء. وهو ما حكته عنهم آيات عديدة منها آية سورة الأنبياء هذه: بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (٥) ومنها آية سورة القصص هذه: فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى [٤٨] ومنها آية سورة الأنعام هذه: أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ (١٥٦) أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ [١٥٧] وهذا ما يجعل حجة الآية دامغة لهم. ويلحظ أن الآية اقتصرت على ذكر أربعة أنبياء. ومن المتبادر أن الذين ذكروا هم الأكثر شهرة وتداولا وعمومية عند سامعي القرآن.
ولقد ذكر الطبري في سياق تفسير الآية [٧] من سورة الأحزاب التي فيها ذكر الأنبياء الأربعة مع النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذه الآية وهي: وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ... عزوا إلى قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم