وفي الآية توكيد لما احتوته آيات في سور أخرى سبق تفسيرها من اعتراف المشركين في قرارة نفوسهم بالله وبأنه هو وحده كاشف الضرّ والسوء ومن عادتهم في اللجوء إليه وحده حينما يحدق بهم خطر أو يلم بهم ضرر. وفي ذلك توكيد حاسم آخر بأن الله لا يقبل من عباده إلّا أن يكون اتجاههم إليه وحده في كل ظرف وبأن غير ذلك هو شرك وكفر.
وفي الآية تلقين مستمر المدى في صدد من لا يذكر الله إلّا في وقت الشدة وينساه وينحرف عن جادة الحق والتقوى في وقت الرخاء وما في ذلك من قبح وبشاعة وإثم عند الله.
في الآية تساؤل عما إذا لم يكن الأفضل هو الخاضع لله وحده العابد له، آناء الليل وأطراف النهار، والذاكر له وقت الشدة والرخاء معا، يحسب حساب الآخرة وأهوالها، ويرجو من ربّه أن يشمله برحمته. وأمر رباني للنبي صلى الله عليه وسلم بالتساؤل ثانية عما إذا كان يصح أن يسوّى بين الذين يعلمون والذين لا يعلمون أو أن يكون الفريقان في مقام واحد. وتقرير بأن أرباب العقول الراجحة السليمة هم فقط الذين يتذكرون ويدركون حقائق الأمور.
ولقد روى البغوي عن عطاء أن الآية نزلت في أبي بكر، وعن الضحاك أنها نزلت في أبي بكر وعمر، وعن ابن عمر أنها نزلت في عثمان، وعن الكلبي أنها نزلت في ابن مسعود وعمار وسلمان رضي الله عنهم جميعا «١» . وليس ذلك واردا
(١) انظر أيضا تفسير الزمخشري والخازن حيث رويا بعض هذه الأسماء.