حيث قررتا أن ما يفعله هؤلاء قد فعلته الأمم السابقة مع رسلهم وقد حاق بهم شر ذلك. وعلى الكفار أن يسيروا في الأرض ليروا آثار بلاء الله تعالى وتدميره وكيف كانت عاقبة المكذبين وليتعظوا بذلك، وهناك آيات عديدة مر بعضها في سور سبق تفسيرها تذكر أن من سامعي القرآن من زار أماكن الأقوام السابقين ورأوا آيات تدمير الله فيها مثل آيات الفرقان [٤٠] والصافات [١٣٣- ١٣٨] والعنكبوت [٣٨] حيث يبدو أن الأمر بالسير ورؤية آثار بلاء الله في الأقوام السابقة هو من قبل الإلزام والإفحام.
[سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٢ الى ١٣]
قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (١٢) وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٣)
في الآيتين توكيد بأسلوب السؤال التقريري بأن كل ما في السموات والأرض هو لله وهو المتصرف المطلق في كل ما تحرك وسكن في الليل والنهار وأن رحمته قضت أن يجمع الناس جميعا إلى يوم القيامة وأنه ليس في هذا أي مجال للريب، وهناك يرى الذين لا يؤمنون أنهم هم الذين خسروا وأضاعوا أنفسهم بسبب عدم إيمانهم.
هذا ومن المفسرين والمؤولين من قال إن جملة كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ [١٢] هي في مقام قسم رباني جوابه في الجملة التي بعدها. ومنهم من تبادر له من الجملتين أن من الرحمة التي كتبها الله على نفسه أن أمهل الكفار وأمدّ لهم في الدنيا لعلهم يغنمون الفرصة ويدينوا بدين الحق. وأن منها حكمته التي اقتضت البعث والحساب الأخرويين لينال أهل الدنيا جزاء أعمالهم خيرا كانت أم شرا، ولا تحتمل التأويلات من الوجاهة.
ولقد أورد المفسرون في سياق جملة كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ الأعراف:[١٥٦] أحاديث نبوية في مدى رحمة الله تعالى. وقد أوردنا هذه