المطلق بخلقه وكونه. ويمكن أن يقال إن ترك الناس لاختيارهم وجعلهم ذوي قدرة وقابلية للاختيار هو نفسه بمشيئة الله فيزول الإشكال. وفي جملة قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ التي سبقت هذه الآية ثم في جمل كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ [يونس: ٣٣] ووَ يُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ [إبراهيم: ٢٧] ويُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ [البقرة: ٢٦] معالجة قرآنية أخرى لهذا الإشكال. والآية التالية لهذه الآية تنطوي على توكيد لذلك أيضا. وفي سورة يونس آية فيها عبارة مثل هذه العبارة واضحة الدلالة على أنها بقصد تسلية النبي صلى الله عليه وسلم وتهدئة روعه حيث يتأكد بهذا ما ذكرناه من أهداف العبارة القرآنية. والله أعلم.
في الآية التفات للنبي صلى الله عليه وسلم تقرر له أن الأمم السابقة قبله استهزأت برسلها فأملى الله لها مؤقتا وأمهلها ثم أخذها أخذا شديدا معروف الخبر مشهود الأثر.
والآية استمرار للسياق. وتعقيب على ما سبقها كما هو المتبادر. وفيها تطمين وتثبيت للنبي صلى الله عليه وسلم وإنذار للكفار. وقد استهدفت فيما استهدفته تذكير الكفار الذين يقفون من النبي صلى الله عليه وسلم موقف الاستهزاء والجحود بما كان من عقاب الله لأمثالهم من الأمم السابقة وحملهم على الاتعاظ به. ولقد تكرر محتوى الآية بسبب تكرر المواقف المماثلة، واستهدافا للهدف الذي استهدفته. ولقد احتوت آيات عديدة في سور سابقة «١» إشارات إلى معرفة السامعين لأخبار الأمم السابقة وما حلّ فيهم من نكال الله تعالى بعد الإملاء والإمهال الذي اقتضتهما حكمة الله
(١) انظر مثلا آيات سورة العنكبوت [٤٨] وإبراهيم [٤٥] وطه [١٢٨] والسجدة [٢٦٠] .