للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هي مسألة قضائية تكون بعده من نطاق سلطان وليّ أمر المسلمين أو من ينيبه عنه كما هو المتبادر.

هذا، والآيات من جهة ما تؤكد واجب الوصية المأمور بها في الآيات [١٨٠- ١٨٢] من سورة البقرة والمنوّه بها في الآيات [١١، ١٢] من سورة النساء وضرورتها بصورة عامة. كما تؤكد واجب الإشهاد عليها تفاديا من التلاعب والتبديل فيها وفي هذا تعليم للمسلمين وحرص على نفاذ الوصية وحقوق أصحاب الحق فيها. وتلقين مستمر المدى كما هو واضح يضاف إلى التلقين المنطوي في آيات سورة البقرة والذي نوّهنا به في سياق تفسيرها بما يغني عن التكرار.

وجملة إِنِ ارْتَبْتُمْ في الآية [١٠٦] جديرة بالتنويه حيث يتبادر أنّه ينطوي فيها أن اليمين لا يلزم أولا يحسن أن يطلب من الشاهد إلا في حالة الارتياب. وأنه في غير هذه الحالة يصحّ أن تقبل شهادة الشاهد بغير يمين وقد يسوغ أن يزاد إلى هذا أن الشاهد يجب أن يحلف إذا طلب صاحب الحق أن يحلف أيضا، من حيث إن طلب صاحب الحقّ قد يكون ناشئا عن الارتياب. ولسنا نرى هذا متعارضا مع الحديث الذي رواه الترمذي عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «البيّنة على المدعي واليمين على المدعى عليه» «١» أو الحديث الذي رواه أبو داود والنسائي عن ابن عباس وجاء فيه «قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل حلّفه احلف بالله الذي لا إله إلا هو ما له عندك شيء» «٢» . والشهادة هي البينة. فإذا ارتاب الحاكم أو صاحب الحق وجب على الشاهد أن يؤدي شهادته بعد اليمين. والله تعالى أعلم.

[[سورة المائدة (٥) : آية ١٠٩]]

يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ماذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (١٠٩)

. عبارة الآية واضحة. وقد قال المفسرون «٣» ما مفاده إنها تحتمل أن تكون


(١) التاج ج ٣ ص ٥٥.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) انظر تفسير الطبري والخازن وابن كثير وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>