والآيات استمرار للتعقيب على الفصل القصصي كما هو واضح. وقد استهدفت تطمين النبي والمؤمنين وتثبيتهم وبعث الأمل والوثوق في نفوسهم إزاء ما يلقونه من عنت الكفار وبغيهم. ولقد سبق تطمين قوي مثل هذا التطمين في سورة الصافات التي نزلت قبل قليل من هذه السورة حيث يمكن القول إن ظروف السيرة في مكة كانت تقتضي مواصلة ذلك. وإنه كان من عوامل ما كان يبدو من النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الأولين من قوة وثبات وجرأة ويقين واستغراق في الله ودينه ودعوته. ونكرر هنا ما قلناه قبل من أن الله تعالى قد حقق وعده للنبي والمؤمنين فعلا فنصرهم الله وصارت كلمته هي العليا وتحققت بذلك المعجزة القرآنية.
ومع خصوصية هذا التطمين وصلته بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم فإنّ في إطلاق العبارة القرآنية تلقينا جليلا مستمر المدى يستمد منه كل مؤمن يدعو إلى الله ودينه ومبادئه السامية ويناضل في سبيلها اليقين والقوة والجرأة ويجعله يستبشر بنصر الله وتأييده إذا ما كانت دعوته ونضاله بصدق وإخلاص.
تعليق على جملة وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ
هذه الجملة في الآية [٥٥] هي أولى المرات التي يؤمر النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالاستغفار لذنبه، وهناك آيات من بابها في سور أخرى.
ولقد تعددت تخريجات المفسرين لهذه الجملة «١» منها أنه خوطب بذلك
(١) انظر تفسير هذه الآيات وتفسير آيات سورة النساء [١٠٥- ١٠٧] وآية سورة محمد [١٩] في تفسير الطبري والبغوي وابن كثير والخازن.