تعليق على الآية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ ... إلخ وما بعدها إلى آخر الآية [٢٥] وشرح ظروف ومشاهد وقعة الأحزاب
عبارة الآيات مفهومة. وقد احتوت وصف مشهد زحف من أعداء المسلمين على المدينة أجمعت روايات التفسير والسيرة على أنه الوقعة التي عرفت في تاريخ السيرة النبوية بوقعة الأحزاب أو الخندق. وقد سميت بوقعة الأحزاب لأن الآيات سمّت الزاحفين الغزاة بالأحزاب. وسمّيت بوقعة الخندق لأن النبي والمسلمين قرروا حفر خندق لمنع الأحزاب من اقتحام المدينة.
ولم تقصد الآيات سرد وقائع الوقعة سردا قصصيا كما هو واضح من أسلوبها وإنما أشير فيها إلى بعض المواقف والآثار التي اقتضت حكمة التنزيل الإشارة إليها بقصد الموعظة والتنويه والتنديد كما هو شأن الأسلوب القرآني في القصص وفي الأحداث الجهادية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بصورة عامة.
وملخص ما ذكرته روايات التفسير والسيرة «١» عن هذه الوقعة أن النبي لما أجلى يهود بني النضير عن المدينة ذهب زعماؤهم إلى خيبر وتزعموا يهودها ثم ذهب منهم وفد إلى مكة فحرضوا زعماءها على غزو المدينة واستئصال شأفة النبي والمسلمين قبل أن يتفاقم خطره ووعدوهم بمظاهرة من بقي في المدينة من اليهود لهم والتحالف معهم إذا زحفوا على المدينة. وكان بنو قريظة هم الكتلة الكبيرة الباقية فأجابوهم وتعاهدوا معهم بعد إلحاح وضغط شديدين. ومما يروى أن
(١) انظر تفسير الآية في الطبري والخازن والبغوي والطبرسي وابن كثير وانظر ابن هشام ج ٣ ص ٢٢٩- ٢٥٠ وطبقات ابن سعد ج ٣ ص ١٠٨- ١١٦.