تعليق على تعبير وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً
وبمناسبة ورود هذا التعبير لأول مرة نقول إنه كما هو المتبادر تعبير استحثاثي على الإنفاق في سبيل الله والتصدق على المحتاجين وقد تكرر في آيات مدنية عديدة.
وفيه معنى لطيف يزيد في قوة الحث وهو أن الذي ينفق أمواله في سبيل الله ويتصدق بها على المحتاجين كأنما يقرض الله وأن الذي يقرض الله يستحق الوفاء أضعافا مضاعفة. وهذا ما ورد في آيات عديدة مثل آية سورة البقرة هذه: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٤٥) وورود هذا التعبير بعد الأمر بإيتاء الزكاة في الآية التي نحن في صددها ذو مغزى عظيم حيث يفيد أن المطلوب من الميسورين ليس الزكاة فقط بل أكثر منها وأن الزكاة هي الحد الأدنى الواجب الذي يكون تركه معصية كبيرة. ويتبادر لنا أن هذا المعنى هو المقصود في كل موضع جاء فيه التعبير والله أعلم.
[تعليق على تعليم الاستغفار]
ولقد انتهت الآية بطلب استغفار الله، والغفران في الأصل بمعنى الستر والوقاية، ثم صار بمعنى التسامح والإغضاء عن الذنوب. والمرجح أنه كان بهذا المعنى قبل البعثة أيضا.
وفي الأمر تلقين رباني بأن الله يعلم أن أكثر الناس لا يمكنهم أن يكونوا في نجوة من الهفوات والأخطاء، وأنه هو الغفور الرحيم الذي من شيمته التسامح والإغضاء وشمول عباده بالرحمة الواسعة إذا آمنوا به واعترفوا بذنوبهم وندموا عليها ولجأوا إليه يطلبون غفرانه ورحمته. وفي هذا ما فيه من حث المذنب على الندم والتوبة وتأميله بالغفران والرحمة وبعبارة أخرى فيه وسيلة من وسائل التربية الروحية وقصد إصلاح المسلم وصلاحه وهو مما تتوخاه الآيات القرآنية بصورة عامة.
ولقد تعددت الآيات التي تأمر المؤمنين بالاستغفار في السور المكية والمدنية