مناسبة ورود التعبير المذكور لأول مرة في هذه السورة. وقد جاء فيه:«قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إنّ الله تعالى يقول إني حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرّما فلا تظالموا يا عبادي. إنما هي أعمالكم أحصيها عليكم فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلّا نفسه» . حيث يتساوق الحديث مع روح الآيات وتأويل المفسرين.
[تنبيه إلى مدى عقيدة الشرك عند العرب]
والآية [٢٨] تتضمن إشارة إلى ما كان عليه العرب من عقيدة الشرك وتبيّن ماهيتها وهي الجمع بين الاعتراف بالله وإشراك غيره معه في العبادة والدعاء والاعتماد أو بقصد الشفاعة لهم عنده كما جاء ذلك بصراحة في آيات أخرى أوردنا نصوصها في مناسبات سابقة. وقد قامت الرسالة النبوية على الدعوة إلى توحيد الله عزّ وجلّ واستحقاقه وحده للعبادة والاتجاه والاعتماد والدعاء وتسفيه إشراك غيره معه وتفنيده ومحاربته في كل ذلك وبأي أسلوب ومقصد كان. ولقد تكررت هذه المعاني في القرآن كثيرا بحيث يمكن أن يقال إن هذه العقيدة كانت عقيدة العرب العامة على اختلاف منازلهم ومداركهم وتنوّع الشركاء الذين كانوا يشركونهم في الاتجاه والعبادة والدعاء.
[تعليق على ما حكته بعض الآيات من حوار بين الله وبين قرناء الإنسان يوم الحساب]
وفي الآيات حكاية حوار سوف يكون بين الله عزّ وجلّ وبين قرين الكافر المحصي عمله وقرينه الموسوس له. ولقد تكررت حكاية مثل هذا الحوار كثيرا بأساليب متنوعة في سور عديدة كثيرة تغني عن التكرار.
ومع واجب الإيمان بالمشاهد الأخروية التي يخبر بها القرآن على اختلاف صورها فإن من الحكمة الملموحة في ذلك إثارة الخوف في الكفار والضالين والمجرمين وحملهم على الارعواء بإيذانهم بأن الذين وسوسوا لهم من قرنائهم وشياطينهم سيتنصلون منهم وبأن الذين يرافقونهم من ملائكة الله قد أحصوا عليهم