تعليق على الآية وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَ
لقد روى المفسرون في صدد نزول هذه الآية حديثا رواه البخاري والترمذي عن معقل بن يسار جاء فيه:«إنه زوّج أخته رجلا من المسلمين على عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم فكانت عنده ما كانت ثم طلّقها تطليقة لم يراجعها حتى انقضت العدّة، فهويها وهويته ثم خطبها مع الخطّاب فقال له يا لكع أكرمتك بها وزوجتك فطلقتها والله لا ترجع إليك أبدا. فعلم الله حاجته إليها وحاجتها إليه فأنزل الله تعالى: وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ الآية، فلما سمعها معقل قال سمعا وطاعة لربّي. ثم دعاه فقال: أزوجك وأكرمك»«١» .
والآية معطوفة على السياق واستمرار له. ويتبادر لنا والله أعلم أنها نزلت معا. ولا يمنع هذا أن يكون قد حدث ما ورد في الحديث فالتزم الأخ أمر الله وزوّج أخته بعد أن عضلها. وقد احتوت الآية تعليما عاما للمسلمين بعدم ممانعة زوجة مطلقة من الرجوع إلى زوجها إذا ما تراضى الزوجان في صدد ما رسم الله.
وتنبيها على أن هذا هو الأزكى والأطهر في علم الله وحكمته. وجملة إِذا تَراضَوْا تؤكد حق الزوجة المطلقة في الرضاء والموافقة على مراجعة زوجها إذا ما أراد أن يراجعها، ويكون ذلك منوطا برضائها أيضا، والله أعلم.
وقد احتوت الآية تنبيها للمسلمين عن منع زوجة مطلقة من الرجوع إلى زوجها، وجملة: إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ جديرة بالتنويه في صدد الأمر حيث ينطوي فيها ضرورة التأكد من رضاء كل من الزوجين بالرجوع إلى الآخر وتوافقهما على ذلك على ما فيه الخير والمصلحة مما فيه قيد احترازي لضمان صلاحية الرجعة وخيرها.
وفي هذا التعليم القرآني تبدو الحكمة البالغة التي تبدو في جميع حالات التشريع الأخرى.