للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَكِيمُ

(١٢٩) وآيات سورة الحج هذه: وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (٢٦) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧) لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ (٢٨) وهذه: وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٧٨) .

وفحوى الآيات يلهم بقوة أن سامعيها من العرب كانوا يعرفون كثيرا مما احتوته ونوهت به ويعتقدون به، وهناك روايات كثيرة تؤيد ذلك «١» .

[دلائل أولية سورة الأعلى وصفتها]

وأسلوب آيات السورة ومضمونها ونظمها يسوّغ القول بأنها من السور التي نزلت جملة واحدة، وأنها من أوائل ما نزل وأنها سبقت سور القلم والمزمل والمدثر، أو على الأقل سبقت ما جاء بعد مطالع هذه السور إذا صحت روايات أولية نزول هذه المطالع، وسبقت كذلك آيات سورة العلق التي جاءت بعد مطلعها. ولعلها نزلت بعد سورة الفاتحة، أو بعد مطلع سورة العلق. ويلحظ أن إحدى آيات السورة احتوت تعبير (سنقرئك) وأن السورة بدئت بأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بتسبيح اسم ربه الأعلى، مما فيه شيء من التجانس بينها وبين مطلع سورة العلق، وعلى كل حال فهي من القسم الذي كانت تعنيه تسمية القرآن في بدء الدعوة مثل سورة الفاتحة، والذي احتوى عرض أهداف الرسالة المحمدية والدعوة إليها على ما هو المتبادر، والله أعلم.


(١) انظر سيرة ابن هشام ج ١ ص ٥- ١٣ و ٢٣٧- ٢٤٧ طبعة مصطفى البابي الحلبي سنة ١٣٥٥ هـ ١٩٣٦ م. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>