وواضح أن الآيات استمرار في السياق والموضوع السابقين. وأسلوبها قوي رصين مفحم موجه إلى القلب والعقل معا. ومن شأنه أن ينفذ إلى الأعماق.
[تعليقات على محتويات الآيات]
١- لقد تعددت تخريجات المفسرين لمدى الآية الأولى منها أنها بسبيل استنكار كفر الكافرين لأن ما جاءهم ليس بدعا وأنه قد جاء لآبائهم من قبل.
ومنها أنها بسبيل استنكار كفرهم لأن الله قد اختصهم دون آبائهم بنعمته فأرسل إليهم رسوله لهدايتهم «١» . والعبارة تتحمل التخريجين. ومع ذلك فإن في كل منهما إشكالا بسبب آيات في سور أخرى. ففي سورة يس هذه الآية لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ (٦) وتكرر هذا في آيتي سورتي السجدة والقصص هاتين:
هذا في حين أنه جاء في سورة النمل هذه الآية: لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ [٦٨] وتكرر هذا في سورة (المؤمنون) على ما يأتي بعد قليل.
ونحن نرجّح التخريج الأول. وفي صدد الإشكال الوارد عليه يجوز أن يقال إن آيات سور يس والسجدة والقصص قد قصدت الزمن القريب بينما آيتا سورتي النمل والمؤمنون قد قصدتا الزمن البعيد. وفي الزمن البعيد الذي كانوا يتداولون أخباره جيلا بعد جيل أنبياء عديدون من جزيرة العرب أو حلّوا فيها وقد ذكروا في
(١) انظر تفسير الآيات في تفسير الطبري والبغوي وابن كثير.