يحتوي مبادئ الدعوة وأسسها الإيمانية والأخلاقية والاجتماعية والإنسانية. ومن الأدلة على ذلك الآية التي نحن في صددها وآيات سورة العنكبوت هذه: وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥١) وآيات سورة البقرة هذه: الم (١) ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (٢) ثم صار يطلق على جميع الآيات القرآنية على ما تفيده آية سورة آل عمران هذه: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ [٧] .
ومع أن كلمتي القرآن والكتاب قد وردتا في القرآن مترادفتي المعنى في تسمية كتاب الله المجيد أو التنويه به، فإنهما اجتمعتا في آية واحدة أكثر من مرة أيضا، كما جاء ذلك في آية سورة الحجر هذه: الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (١) وفي آية سورة النمل هذه: طس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَكِتابٍ مُبِينٍ (١) .
مما يمكن أن يسوغ القول إنهما لم يردا في الآيتين على معنى الترادف التام. ولعله قصد بإيرادهما معا في آية واحدة الإشارة إلى معناهما الأصليين «المقروء المكتوب» ولما كانت الآيات والفصول القرآنية توحى إلى النبي صلى الله عليه وسلّم وحيا فيتلوها على الناس شفويا ويأمر بتدوينها في الوقت نفسه فإن الإشارة إليها بتعبير الكتاب يمكن أن تكون على اعتبار ما سوف يكون من أمرها بعد تبليغها قراءة وشفويا.
واستعمال هذا التعبير ينطوي في ما هو المتبادر لنا على قرينة قوية بأن آيات القرآن وفصوله كانت تكتب على أثر وحيها.
وفحوى الآية [٢٩] التي احتوت كلمة كِتابٌ جدير بالتنويه. فالله سبحانه وتعالى أنزل كتابه المبارك على نبيه صلّى الله عليه وسلّم ليتدبّر السامعون آياته وليتذكر به أولو