. في الآية أمر للنبي صلى الله عليه وسلم بأن ينهى أهل الكتاب عن الغلوّ في عقائدهم الدينية غلوّا يتنافى مع الحق والحقيقة. وعن سلوك طريق سلكها قوم قبلهم اتباعا لأهوائهم فضلّوا عن الطريق القويم وأضلّوا كثيرا من غيرهم أيضا.
تعليق على الآية قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ ... إلخ وما فيها من تلقين وما ورد في عدم الغلوّ في الدين من أحاديث
ولم نطلع على رواية خاصة بنزول الآية. والمتبادر أنها هي الأخرى متصلة بالسياق نظما وموضوعا. وقد قال الطبري إن النهي الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتوجيهه هو للنصارى في صدد انحرافهم في عقائدهم عن الحق. وإن الذين نهوا عن اتباع أهوائهم هم اليهود. وعزا القول الثاني إلى مجاهد. وقال البغوي إن المقصود بالنهي والتحذير هم رؤساء الضلال من اليهود والنصارى. وقال ابن كثير إن النهي موجّه إلى النصارى والتحذير هو من رؤسائهم المنحرفين السابقين.
وما قاله الطبري هو الأوجه. فالخطاب في الآيات السابقة موجّه للنصارى.
والآية استمرار لها. وتحذيرهم من قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا يدل على أن هؤلاء من غيرهم. وليس هناك غيرهم إلّا اليهود. والوصف الذي وصفوا به في شطر الآية الثانية قد وصفوا به في آيات عديدة سابقة. منها آية قريبة وهي الآية [٦٠] من هذه السورة. ومنها آيات سورة النساء [٤٤- ٤٥] ولعلّ في الآية التالية قرينة على ذلك أيضا. وهكذا تكون الآية قد استهدفت تحذير النصارى من السير في طريق اليهود الذين اتبعوا فيما سبق أهواءهم فضلّوا وأضلّوا.