في الآية الأولى أمر موجه للسامع بوجوب إيتاء ذي القربى والمساكين وأبناء السبيل حقوقهم وتنويه بما في ذلك من خير وقربى عند الله لمن يريد رضاءه.
وتقرير بأن الذين يعملون ذلك هم المفلحون الفائزون برضائه.
وفي الآية الثانية تنبيه تعقيبي على أن الربح الحقيقي ليس فيما يعطيه المرء لغيره من مال بقصد استغلاله وتكثيره فليس لهذا عند الله أجر. وإنما الربح الحقيقي هو في الزكاة التي تعطى للمحتاجين لوجه الله بدون مقابل ولا قصد استغلال وتكثّر في الدنيا. فالذين يفعلون ذلك هم الذين يربحون أضعافا مضاعفة بما يكون لهم عند الله من الأجر العظيم.
ولم نطلع على رواية في مناسبة خاصة لنزول الآيتين. ويتبادر لنا أنهما تعقيبيتان أو استطراديتان وأن الصلة بينهما وبين الآيات السابقة وبخاصة الأخيرة منها ملموحة من حيث بيان كون الله هو الذي يعطي وهو الذي يمنع، وأن على المؤمنين الذين يدركون أن المال مال الله أن لا يبطروا وأن لا يستغلوا أموالهم فيما لا خير فيه ولا أجر، وأن يساعدوا الفئات المحتاجة لوجه الله وابتغاء فضله وأجره.
وحرف الفاء الذي بدئت به الآية الأولى قرينة على ذلك.
والآية [٣٨] قد وردت بنفس الصيغة في الآية [٢٦] من سورة الإسراء ونبهنا على ما فيها من تلقين جليل مستمر المدى فلا ضرورة للإعادة. ولقد روى المفسر الطبرسي في سياق جملة فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ من هذه الآية الروايات التي أوردناها في سياق الجملة المماثلة في آية الإسراء والتي تتضمن صرف هذه الجملة إلى أقارب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحقهم. وقد علقنا على هذه الروايات والتأويلات التي يبرز عليها الهوى الشيعيّ في سياق تفسير آية الإسراء بما يغني عن التكرار.