للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه وما يملح. وجعلوا الأنهار في مثابة البحار في هذا الأمر. وبعضهم استثنى الضفادع والسرطانات لأنها ليست حيوانات بحرية تماما.

٨- أما الحكمان ذوا العدل فلم نطلع على شيء في صددهما. والمتبادر أن الصائد هو الذي يختارهما من ذوي العدل والخبرة ليقدروا المسألة ويشيروا على الصائد برأيهم فيها. فهذه مسألة دينية وليست مسألة قضائية حقوقية بين متخاصمين حتى يصح أن يكون لولي أمر المسلمين دخل فيها. والله أعلم.

هذا، وبمناسبة ورود كلمة الكعبة لأول مرة نقول إن المفسرين قالوا إنها سميت بذلك لأنها مربعة أو مرتفعة. وإنها من كعبت المرأة إذا نتأ ثديها أو ارتفع كما قالوا إنها سميت بذلك لانفرادها عن البنيان «١» . وقد ينطوي في هذا المعنى الأول بشكل ما. ولقد أشير إليها في مواضع عديدة في السور السابقة المكية والمدنية باسم البيت والبيت الحرام والبيت العتيق وهو ما كان العرب يسمونها به قبل الإسلام. وكانوا يضعون فيها وحولها أصنامهم ويطوفون بها ويقيمون صلاتهم ويقربون قرابينهم عندها. والمأثور في الروايات العربية «٢» أنها لم تكن الوحيدة في جزيرة العرب حيث كان لبعض قبائل العرب كعبات للأغراض نفسها مع اعتبارها كعبة للعرب جميعهم. وحينما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة وجد فيها وحولها ٣٦٠ صنما ووجد على جدرانها صور إبراهيم وعيسى عليهما السلام حيث قد يدل هذا على أن العرب كانوا يعتبرونها كعبة عامة مشتركة ومنهم قبائل نصرانية أرادوا أن يؤيدوا ذلك بوضع نسخ من أصنامهم ومعبوداتهم فيها وحولها. ولقد ذكرنا في مناسبات سابقة ما ورد في صدد وجودها وبنائها فلا ضرورة للإعادة.

[سورة المائدة (٥) : الآيات ٩٧ الى ١٠٠]

جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٩٧) اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩٨) ما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ (٩٩) قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٠٠) .


(١) تفسير الطبري والطبرسي وابن كثير.
(٢) انظر العرب قبل الإسلام لجواد عليّ ج ٥ ص ٧٥ وما بعدها. وانظر الجزء الخامس من كتابنا تاريخ الجنس العربي ص ٦٠٢ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>