للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب الله وتوكيد بأنه تنزيل من ربّ العالمين لا إمكان للرّيب فيه. ثم أعقب ذلك إشارة استدراكية إلى ما يقوله الكفار بأسلوب تنديدي كانوا يقولون إن النبي افتراه وردّ على القول بتوكيد أنه الحق من الله أنزله على النبي لينذر به أناسا لم يأتهم نذير من قبله رجاء أن يهتدوا به إلى طريق الله القويم.

والآيتان الأوليان براعة أو مقدمة استهلالية للآية الثالثة كما هو المتبادر.

والآيات الثلاث منصبة في جملتها على توكيد نزول القرآن من عند الله وتكذيب دعوى افترائه التي تكررت حكايتها وتكرر تكذيبها بتكرر المواقف المماثلة.

تعليق على مدى الآية لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ

ولقد روى البغوي عن ابن عباس في صدد جملة لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ أنها تعني الفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلام. وقال الطبري إنها تعني قريشا الذين لم يأتهم رسول قبل محمد صلى الله عليه وسلم. وهذا القول أكثر وجاهة فيما يتبادر لنا. وتاريخ قريش لا يرتقي إلى أكثر من بضع مائة سنة على ما شرحناه في سياق سورة قريش فلا تناقض بين هذا القول ورسالات الأنبياء من عيسى وما قبله.

وقد يرد أن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم لم تكن لقريش فقط. وأن هناك روايات عن نبيين عربيين بعثا بعد عيسى. وهما حنظلة بن صفوان نبي الرس الذي تدلّ فصاحة اسمه على أنه ليس بعيدا كثيرا عن زمن النبي صلى الله عليه وسلم والذي ذكرنا خبره في سياق سورة (ق) وخالد بن سنان العبسي «١» ولسنا نرى هذا ناقضا لقول الطبري حتى في حالة صحة الروايات. فقريش كانوا وظلوا في الدرجة الأولى هم الذين يوجه إليهم الخطاب في معظم ظروف العهد المكي النبوي برغم ما في القرآن المكي من


(١) انظر تفسير الآيات في تفسير الطبرسي وانظر تاريخ العرب قبل الإسلام، جواد علي ج ٥ ص ٣٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>