[تعليق على تكرر أمر الله في السورة للنبي صلى الله عليه وسلم بعبادة الله وحده مخلصا له الدين]
والمتبادر أن أمر الله عز وجل للنبي عليه السلام بإعلان ما أمر بإعلانه هو لأجل قطع أي أمل لدى المشركين في تساهله معهم في صدد آلهتهم وشركائهم وتراجعه عما كان المشركون يبذلون جهدهم في سبيل تحقيقه على ما حكته آيات في سور أخرى سبق تفسيرها مثل سورتي القلم والإسراء.
ويلحظ أن مثل هذا الأمر ورد في مطلع السورة، وقد تكرر هذا الثالث مرة في موضع آخر في أواخر السورة أيضا حيث يمكن أن يدل على أن المشركين قد جددوا جهودهم واقتراحاتهم في ظروف نزول السورة.
تعليق على إلهام جملة وَأَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ بالهجرة إلى الحبشة
والآية الأولى تلهم بالإضافة إلى ما قلناه أنها تحتوي إذنا ربانيا أو حثا ربانيا للمضطهدين من المؤمنين على الهجرة من مكة وتبشيرا لمن يهاجر بأنه سوف يجد في أرض الله سعة وبأن الله سييسر له ما تقر به عينه ويؤتيه أجر صبره وافيا بغير تقتير ولا حساب على ما يناله من أذى وجهد وفراق.
وهذا ما يستفاد من تأويلات الصدر الأول التي رواها المفسرون حيث رووا عن ابن عباس ومقاتل وغيرهما أن فيها أمرا للمسلمين بالهجرة من مكة. ولقد قال البغوي دون عزو إلى أحد: إنها نزلت في مهاجري الحبشة، وقال الخازن دون عزو إلى أحد: قيل إنها نزلت في جعفر بن أبي طالب وأصحابه حين هاجروا إلى الحبشة، ونرجح أن هذا القول من وحي الهجرة التي كانت في أواخر الهجرة الخامسة على ما يستفاد من روايات السيرة وبعبارة أخرى بعد هذه الآيات التي