(٢) الإبسال: قيل إنها بمعنى الهلاك. وقيل إنها بمعنى الارتهان والحبس، وهي هنا بالمعنى الأول.
(٣) وإن تعدل كل عدل: بمعنى وإن تفتد بكل فدية.
في الآيات نهي للنبي صلى الله عليه وسلم عن مجالسة الكفار إذا ما سمعهم ورآهم يخوضون في آيات الله خوضا خارجا عن حدود الأدب والحق. وإذا أنساه الشيطان ذلك ثم ذكر النهي فليبادر إلى ترك مجلسهم، وتقرير بأن المتقين لا يتحملون إثم الكفار في عملهم ولكن النهي تذكير لهم ليبتعدوا عن مجالس الظالمين الآثمين.
وأمر للنبي صلى الله عليه وسلم بألا يهتم للذين غرتهم الحياة الدنيا وما تيسر لهم فيها من مال وقوة ورغد عيش وجعلوا الدين لعبا ولهوا، وأن يتركهم ويكتفي بتبليغ رسالته وإنذار الناس حتى لا يهلكوا أنفسهم ويصبحوا رهينة بما كسبوا يوم لا يكون لهم من دون الله ولي ولا شفيع، ولا يؤخذ منهم فدية مهما عظمت حيث يعذبون أشد العذاب مع شرب الماء الحار جدا جزاء ما كانوا يقترفون ويفترون.
ولقد روى الطبري أن المشركين كانوا يجلسون إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحبون أن يسمعوا منه فإذا سمعوا استهزأوا، فنزلت الآية الأولى. وروى الطبرسي والبغوي والخازن أن المسلمين قالوا حينما نزلت هذه الآية: كيف نقعد في المسجد الحرام ونطوف بالبيت وهم يخوضون أبدا ونخاف أن نتركهم ولا ننهاهم! فنزلت الآية الثانية.
ويتبادر لنا من عطف الآيات على ما سبقها وانسجام الآيتين الأوليين بالآيات التالية لها أن الآيات وحدة مترابطة، وأنها استمرار للسياق المستأنف في حكاية مواقف الكفار، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتأذى من استهزاء الكفار- الذين يجلس إليهم