أصحابه في طريقهم إلى سفح أحد إذا هو بكتيبة خشناء فقال من هؤلاء؟ قالوا هذا عبد الله بن أبيّ في ستمائة من مواليه من يهود بني قينقاع. فسأل (أو قد أسلموا؟) قالوا لا يا رسول الله فقال قولوا لهم فليرجعوا فإننا لا نستعين على المشركين بالمشركين. والرواية لم تردد في الصحاح وهي غريبة من نواح عديدة. فإن بني قينقاع قد أجلوا عن المدينة قبل وقعة أحد بخمسة عشر شهرا. والآيات التي نحن في صددها تذكر أن النبي أو المسلمين طلبوا من المنافقين أن يخرجوا معهم فأبوا بحجة أنهم لا يتوقعون قتالا. ولقد روى ابن كثير عن مجاهد وجابر أن جملة الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا هي في عبد الله بن أبيّ كبير المنافقين وأصحابه المنافقين. وهو في محله وتؤيده الآية التي سبقت هذه الجملة التي حكت أقوال المنافقين.
ولقد روى الطبري عن قتادة بسبيل توضيح جملة مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ في الآية [١٦٥] أنها عنت ما كان من عصيان الرماة لأمر النبي وتركهم أماكنهم من حيث إن ذلك أدّى إلى الهزيمة وهو في محلّه. كذلك روي عن قتادة بسبيل توضيح جملة أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها أنها عنت ما كان من خسائر بدر وأحد من المشركين والمؤمنين حيث قتل المؤمنون في بدر من المشركين سبعين وأسروا سبعين وقتل منهم في أحد سبعون ولم يؤسر أحد منهم. ونصّ الآية قد يؤيد هذا التوضيح.