في الآيات حكاية لما كان الكفار يحلفونه من الأيمان الغليظة بأنهم ليؤمنن إذا ما جاءتهم آية من الله مؤيدة للنبي صلى الله عليه وسلم، وأمر للنبي صلى الله عليه وسلم بأن يرد عليهم قائلا إنما الآيات عند الله وليست في متناول قدرته. وبأن يسأل مخاطبين قريبين عما إذا كان لا يخطر ببالهم أن الله لو أظهر معجزة أن ينقض الحالفون أيمانهم ولا يؤمنوا بها.
وتقرير رباني بأن قلوبهم ستظل قاسية وأبصارهم متعامية كما هو دأبهم قبل. ثم يبقون عمهين في طغيانهم مصرين على مكابرتهم لا يؤمنون كدأبهم منذ البدء أو منذ وقفوا مثل هذا الموقف لأول مرة.
ولقد روى المفسرون أن قريشا قالت للنبي صلى الله عليه وسلم إنك تخبرنا أن موسى كان معه عصا يضرب بها الحجر فتنفجر منه عيون الماء وأن عيسى كان يحيي الموتى وأن هودا أتى بمعجزة الناقة لثمود فأتنا بآية حتى نصدقك، قال: فإن فعلت ما تقولون، أتصدقونني؟ قالوا: نعم. والله لئن فعلت لنتبعنك أجمعين. فقال: ما تحبون أن آتيكم به، قالوا اجعل لنا الصفا ذهبا وابعث لنا بعض موتانا حتى نسألهم عنك وأتنا بالملائكة يشهدون لك فقام يدعو ربه فجاءه جبريل يقول له إن الله يبلغك إن شئت أرسل آية فإن لم يؤمنوا أخذهم بالعذاب وإن شئت تركهم حتى يثوب ثائبهم فقال: بل اتركهم حتى يثوب ثائبهم فنزلت الآيات. وروى الطبري أن جملة وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ (١٠٩) موجهة إلى المؤمنين لأن هؤلاء قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما طلب المشركون آية وأقسموا أنهم ليؤمنن إذا جاءتهم، سل ربك يا رسول الله ذلك، فوجه الله الخطاب في الآية إليهم.