يثير الرعب والخوف والارعواء في النفوس وهو مما استهدفته كما هو المتبادر.
ولقد روى الشيخان والترمذي في سياق الآية [٢٢] عن عبد الله حديثا جاء فيه: «اجتمع عند البيت قرشيّان وثقفيّ أو ثقفيان وقرشيّ كثير شحم بطونهم قليل فقه قلوبهم فقال أحدهم: أترون أن الله يسمع ما نقول؟ قال الآخر: يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا. وقال الآخر: إن كان يسمع إذا جهرنا فإنه ليسمع إذا أخفينا فأنزل الله عزّ وجل: وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ الآية»«١» .
ومقتضى الرواية أن تكون الآية نزلت لحدتها مع أن التمعن في الآيات يظهر أنها وحدة تامة منسجمة وأن هذه الآية والتي بعدها تعقيب إفحامي لأعداء الله على ما حكي عنهم من معاتبتهم لجوارحهم وأن جميع الآيات متصلة بسابقاتها كما قلنا آنفا.
ولقد روى الطبري بطرقه في سياق هذه الآيات حديثا عن أنس بن مالك قال:«ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم حتى بدت نواجذه ثم قال: ألا تسألوني ممّ ضحكت؟ قالوا: ممّ ضحكت يا رسول الله؟ قال: عجبت من مجادلة العبد ربّه يوم القيامة يقول يا ربّ أليس وعدتني أن لا تظلمني قال: فإنّ ذلك لك. قال: فإنّي لا أقبل عليّ شاهدا إلّا من نفسي، قال: أو ليس كفى بي شهيدا وبالملائكة الكرام الكاتبين فيختم على فيه وتتكلم أركانه بما كان يعمل فيقول لهنّ بعدا لكنّ وسحقا عنكنّ كنت أجادل» . ولقد أوردنا هذا الحديث بصيغة مقاربة نقلا عن ابن كثير في سياق الآية [٦٥] من سورة يس وعلقنا عليه بما يغني عن التكرار.
[تعليق على التباين في المشاهد الأخروية]
ولقد يرد على الذهن سؤال أو حيرة بسبب التباين والتغاير في الصور الأخروية ومشاهدها ووسائلها. فليس هناك محل لذلك لأنه ليس هناك ما يمنع أن
(١) التاج ج ٤ ص ٢٠٢ وروى هذه الرواية الطبري والبغوي بطرقهما أيضا.