ففي أولاهما نددت بهم لاستعجالهم الشرّ والعذاب كما لو كان خيرا. وفي ثانيتها نبهتهم إلى أن لكل شيء موعدا وأجلا، فالعاجل لا يكون آجلا بالدعاء والطلب، والآجل لا يكون عاجلا به أيضا، كما هو شأن تعاقب الليل والنهار وشأن حساب الأيام والسنين، فلا الليل سابق النهار ولا السنون سابقة للأيام فكل شيء يكون في وقته المعين له.
ومدى ما احتوته الآيتان من تنبيه وتنديد وتوضيح وتعليم شامل على كل حال لسامعي القرآن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وبعده على ما هو المتبادر من أسلوبها وفحواها.
وقد تكرر ذلك في آيات عديدة مرّ بعضها لأن ما احتوته الآيتان متصل بحياة الناس وشؤونهم وأخلاقهم بعامة.
وننبه بصورة خاصة إلى صيغة الآية الثانية حيث ينطوي فيها تنبيه إلى أمر يشاهده ويمارسه الناس وسامعوا القرآن الأولون من الجملة وهو كون النهار ظرفا للسعي والتكسب الذي عبر عنه بجملة لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ [١٢] ولكون الليل والنهار وسيلة إلى معرفة دوران الزمن وحساب الأيام والسنين. وهو أسلوب القرآن عامة في تقرير مشاهد الكون ونواميسه. فلا ينفي أن يتجاوز الأمر الهدف الملموح في الآيات وهو التدليل على آثار نعمة الله ونواميسه في الكون إلى التمحل والتجوز لإثبات نظريات فنية من الآيات القرآنية على ما نبهنا عليه في مناسبات سابقة.