تعليق على الآية فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ إلخ
والفقرة الأولى من الآية الأولى قد تورد على الخاطر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحسب أحيانا حساب مكابرة الكفار وتكذيبهم، ويقوم في ذهنه عدم إعلان جميع ما ينزل عليه وبخاصة ما فيه هجوم على آلهة الكفار وعقولهم فاحتوت الآيات تحذيرا وتنبيها له. وورود شيء من هذا في آيات أخرى وبخاصة آيات سورة الإسراء [٧٣- ٧٥] على ما شرحناه في تفسير هذه السورة قد يقوي هذا الخاطر.
غير أننا نرجح أن التعبير هنا تعبير أسلوبي يقصد به وصف شدة ما كان يلم بالنبي صلى الله عليه وسلم من ألم نفسي وضيق صدر من جراء موقف الكفار وتحدياتهم. وأنه ليس من نوع ما أشارت إليه آيات الإسراء المذكورة. وجملة أَنْ يَقُولُوا التي بمعنى مخافة أن يقولوا ويطلبوا مؤيدات خارقة على صحة النبوة مثل استنزال ملك أو كنز قرينة على صحة الترجيح. وعلى كل حال فليس في الآية ما يمس العصمة النبوية في صدد تبليغ ما أوحى الله به إلى رسوله صلى الله عليه وسلم.
والمصحف الذي اعتمدناه يروي أن الآية الأولى مدنية، وهي رواية غريبة لم تطلع على تأييد لها. فالاية منسجمة في السياق موضوعا وسبكا. والصورة التي احتوتها من صور العهد المكي. وهناك آيات لا خلاف في مكيتها، ومنها آيات سورة الفرقان [٧- ٨] احتوت مثلها. وهذا مما يسوّغ الشك في صحة الرواية.
ولقد روى الطبرسي في سياق هذه الآية عن ابن عباس أن رؤساء قريش أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا له: إن كنت رسولا فحوّل لنا جبال مكة ذهبا أو ائتنا بملائكة يشهدون لك بالنبوة فأنزل الله الآية «١» . وروى الطبرسي في الوقت نفسه حديثا عن العياشي عن أبي عبد الله أحد الأئمة الإثني عشر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: إني سألت ربي أن يؤاخي بيني وبينك ففعل، وسألت ربي أن يجعلك وصيي ففعل، فقال بعض القوم والله لصاع من تمر في شن بال أحب إلينا