والتساؤل الاستنكاري الذي ابتدأت به الآية [٥١] ينطوي على تنديد قوي لمن غلظ قلبه وخبثت نيته وعميت بصيرته فلم ير نور القرآن الهادي السنيّ ولم ينفذ إليه روحه وروحانيته وظلّ يعاند ويتحدّى، كما أن الآية تجمعت فيها قوة رائعة في تقرير كون القرآن هو أعظم آية مصدقة لنبوّة النبي فيما احتواه من الرحمة والتذكرة البالغة والأسس الكافلة لصلاح الدين والدنيا. والردّ الذي احتوته انطوى في الوقت نفسه على الردّ على ما كان يقوم في أذهان الكفار من لزوم حدوث الخوارق في معرض تأييد نبوة النبي ودعوته. فليس ذلك من الضروري في صدد الدعوة إلى الحقّ والهدى. لأن في طبيعة الدعوة ومبادئها وأهدافها المبينة في القرآن مؤيدات كافية لصدق النبي في دعوته وصلتها بوحي الله. وهي مؤيدات خالدة قائمة للعيان في كل آن في حين أن الخوارق غير متصلة بطبيعة وأهداف الدعوة وغير دائمة. وكانت دائما موضع نقاش وتكذيب ولم تفد في تأييد دعوة الأنبياء السابقين وبخاصة بالنسبة للذين بيتوا الجحود والتكذيب لأسباب شخصية واستكبارا في الأرض ومكر السيّء. وروح الآيات، كما أن نصوص وروح الآيات الكثيرة انطوت على هذا الردّ أو ما في معناه مما مرّ منه أمثلة كثيرة.