الطوفان، وأخذ زوجين اثنين من كل حي، وموج الطوفان العظيم الذي شبه بالجبال، واستواء السفينة على الجودي، ومسألة ابن نوح الذي ظل مع الكفار، والحوار الذي جرى بينه وبين قومه حول رسالته وحول الذين آمنوا بها منهم وبينه وبين الله حول غرق ابنه.
والقصة كما ذكرنا قبل واردة في سفر التكوين، وليس في السفر المتداول اليوم ذلك التفصيل ولا الحوار ولا مسألة ابن نوح وإن كان فيه تفصيل عن حجم السفينة لم يرد في الآيات. والذي نرجحه أن ما ذكر في الآيات كان واردا في قراطيس أو أسفار أخرى كانت متداولة في أيدي أهل الكتاب وكان هو المتداول في أوساطهم.
ولقد أورد المفسرون في سياق قصة نوح في هذه السورة وفي غيرها بيانات كثيرة معزوة إلى كعب الأحبار وغيره من رواة المسلمين من اليهود وغيرهم وكثير منها لم يرد في القرآن ولا في سفر التكوين المتداول «١» حيث يؤيد هذا ما قلناه، هذا ويدل على أن من أهل بيئة النبي صلى الله عليه وسلم من كان يعرف أشياء كثيرة من قصة نوح وطوفانه. ولم نر ضرورة ولا فائدة في إيراد ذلك أو تلخيصه لأنه غير متصل بشروط القرآن من القصة.
واسم الجبل الذي استوت عليه السفينة في سفر التكوين أرارات، وهو في شمال جزيرة الفرات. وهذا الجبل يذكر في كتب التفسير والتاريخ العربية القديمة باسم الجودي وهو الاسم المذكور في الآيات وذكره في القرآن دليل على أنه كان متداولا معروف المكان في بيئة النبي صلى الله عليه وسلم.
تعليق على آية تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا
والآية الأخيرة من الآيات تثير إشكالا حيث تذكر أن ما أوحاه الله تعالى
(١) انظر تفسير الآيات في الطبري وابن كثير والخازن والمنار والطبرسي والبغوي.