تأويلها ليصير المؤمنون إلى الثواب والكافرون إلى العذاب. وكلا القولين وارد ووجيه.
وقد يصح أن يضاف إلى هذا أن الجملة انطوت على تقرير كون قتال المسلمين للكفار هو الأكثر اتساقا مع طبائع الأشياء والأدعى إلى إيقاع هيبة المسلمين في قلوب الكفار أو أنها رمت إلى معالجة جوابية لما يمكن أن يقوم في أذهان بعض المسلمين من تساؤل عما إذا لم يكن الأولى أن يبطش الله بالكفار وينتقم منهم دون تعريض المسلمين لشدة الحرب وخسارة الأرواح. ومثل هذه المعالجة سبق في سورتي الأنفال وآل عمران.
ولقد أورد ابن كثير على هامش الآيات [٤- ٦] أحاديث نبوية عديدة في فضل الشهيد وثوابه عند الله عز وجل. ولقد أوردناها مع طائفة أخرى من الأحاديث من بابها في سياق آية سورة البقرة [١٥٤] فنكتفي بهذه الإشارة.
تعليق على الآية فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ.. إلخ والآيتين التاليتين لها ومسألة أسرى الحرب والرقّ
ولم نطلع على مناسبة خاصة للآيات. والمتبادر المستلهم من مضمونها وروحها أنها خطاب عام في معرض الحضّ على قتال الكفار مطلقا.
وإضافة تعبير وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إلى جملة الَّذِينَ كَفَرُوا في الآية الأولى من السورة تدل على أن الأمر الذي احتوته الآية الأولى من الآيات التي نحن بصددها أي الآية الرابعة بقتال الكفار وضرب رقابهم حينما يلقاهم المسلمون هو صدّ الكفار الناس عن سبيل الله مع كفرهم. والصدّ يتناول تعطيل الدعوة والكيد لها والعدوان على المسلمين. وتعبير لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ مما يؤيد ذلك، لأن الانتصار هو ردّ العدوان ومقابلته بالمثل. وهكذا يكون الأمر بالقتال هنا متسقا مع المبادئ الجهادية التي انطوت عليها الآيات القرآنية وهي قتال المعتدي وليس قتال الكافر