(٣) هشيما: جافا مكسرا ملقى على الأرض تحركه الرياح.
في الآية الأولى: أمر للنبي صلى الله عليه وسلم بأن يضرب مثلا آخر عن الحياة الدنيا فهي كالزرع الذي ينميه مطر السماء ثم لا يلبث أن يجف بعد قليل ويتكسر وتدفعه الرياح وتذروه، وبأن ينذرهم بأن الله مقتدر على كل شيء.
وفي الآية الثانية: تقرير بأن المال والبنين هما زينة الحياة الدنيا التي مثلت في المثل والتي لن تلبث أن تزول، وأن الأعمال الصالحة هي وحدها الباقية التي تحوز رضاء الله وتكون مناط الأمل وحسن الثواب عنده.
وقد جاءت الآية الثانية تعقيبية على الأولى وكنتيجة لها، والآيتان متصلتان بما سبقهما كذلك وموجهتان للكفار ومستهدفتان نفس هدف المثل الأول وتلقينهما مستمر المدى مثله.
وننبه على أنه ليس في هذه الآيات ولا في التي قبلها قصد تنفير المؤمنين من الحياة وزينتها وطيباتها ولا قصد ازدراء شأنها إطلاقا. فقد جاءت في صدد التنديد بزهو الكفار وتبجحهم وازدرائهم بفقراء المؤمنين وتقرير أفضلية الإيمان والعمل الصالح والحثّ عليهما. وإذا كانت قد تضمنت التذكير بأن الحياة الدنيا والمال والثروة والقوة أعراض زائلة وقصيرة الأمد فإن هذا بسبيل ذلك التنديد والحثّ والتقرير. وهو إلى هذا تقرير لواقع الأمر حقا بالنسبة للحياة الدنيا وعمر الإنسان فيها. والضابط المحكم في هذا الأمر آية سورة الأعراف: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣٢) وإذا كان من استدراك فهو ما تلهمه الآية التي قبل هذه الآية بخاصة والآيات القرآنية والأحاديث النبوية الكثيرة التي نبهنا عليها في مناسبات عديدة سابقة بعامة وهو الإيمان بالله والعمل الصالح والاعتدال وعدم الإسراف وعدم الاستغراق.