للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدرجة العالية من الكمال. وينطوي في هذا وصف تقريري عظيم لما بلغته خصائص النبي العربي العظيم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم الخلقية والعقلية والإنسانية من مرتبة عالية حتى صار بها مظهرا لاصطفاء الله تعالى وتجلياته. وكفى به وصفا يزري بكل ما يصفه به الناس، وقد كانت آية سورة القلم وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤) تعبيرا قرآنيا جليلا عن هذه الخصائص التي تحققت فيه قبل بعثته وتأهيل بها للاصطفاء الرباني على ما شرحناه في مناسبته.

ولقد احتوى القرآن إشارات عديدة إلى ما ظهر وظلّ يظهر من عظمة أخلاق وكمال صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم وبره وإشفاقه وعمق إيمانه وصميمته ما بلغ الذروة التي تفسر أسباب اصطفاء الله تعالى له للرسالة العظمى، مما نبهنا عليه في سور سبق تفسيرها ومما سوف ننبه عليه في ما يأتي من السور.

وفي كتب الأحاديث أحاديث كثيرة جدا فيها ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من كمال الأخلاق والصفات مما بلغ الذروة كذلك وفيها مصداق ذلك أيضا «١» .

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٢٥ الى ١٢٧]

فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (١٢٥) وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (١٢٦) لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٧)

(١) كأنما يصعد في السماء: يتصعد، ومعنى الجملة كأنما يتكلف مشقة ارتقاء مرتفع عال حيث يضيق صدره ونفسه بذلك.


(١) انظر ما ورد في كتب الأحاديث الصحيحة الخمسة في التاج مثلا ج ٣ ص ٢٠٤- ٢٢٠.
وهذه الأحاديث هي في صدد أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وصفاته وحسبه. وهناك أحاديث كثيرة جدا في هذه الكتب فيها من أوامر النبي صلى الله عليه وسلم ونواهيه ومواعظه وحكمه ومعالجاته لمختلف ما كان يعرض عليه من شؤون نفسية واجتماعية وأخلاقية وسلوكية وقضائية ما يصح أن يكون مظهرا بالغ الذروة من مظاهر صفاته وأخلاقه أيضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>