وعلى كل حال فإن كلمة (الله) قد غدت في اللغة العربية الفصحى قبل الإسلام علما على القوة العظمى العاقلة الخالقة المدبرة الرازقة المحيية المميتة، أو اسما رئيسيا وأصيلا لها. وقد كان العرب يستعملونها في هذه الدلالة على اعتبار أنه لا بدّ لهذا الكون العظيم البديع من صانع عاقل حكيم مدبر والدينونة له بالعبودية والعبادة. وكانوا يعبدونه ويحلفون بكلمتي (الله) و (اللهم) ويسمون أنفسهم (عبد الله) للدلالة على ذلك. وإن كانوا يشركون معه شركاء للتقرب إليه والاستشفاع بهم عنده مما حكته آيات قرآنية كثيرة كثرة تغني عن التمثيل.
ولقد استعمل القرآن هذا اللفظ علما أو اسما رئيسيا على تلك القوة أيضا.
وورد فيه لحدته أحيانا ومع صفات الله وأسمائه الحسنى أحيانا. ومع تقرير وجوب وجود القوة العظمى التي يرمز إليها ووجوب الاعتقاد بها وشمول ربوبيتها ووجوب الدينونة لها بالعبادة والخضوع، والإخلاص لها وحدها، ووجوب تنزيهها عن أية شائبة ومماثلة وشراكة بأي اعتبار كان، ووصفها بجميع صفات الكمال مما احتوت تقريره والتدليل عليه آيات كثيرة كثرة تغني عن التمثيل كذلك. ومما غدا الطابع المميز للعقيدة الإسلامية. وقد جرى المسلمون على إطلاق لفظ (الجلالة) على الله تقويا وتعظيما.
تعليق على مدى جملة رَبِّ الْعالَمِينَ
في أسفار العهد القديم المتداولة اليوم والتي كتبت بأقلام بشرية بعد موسى عليه السلام تكرر وصف الله تعالى برب إسرائيل وإله إسرائيل، وتكررت حكاية أقوال بني إسرائيل بأن الرب رب إسرائيل والإله إله إسرائيل على معنى الاختصاص والحصر حتى صار ذلك عندهم عقدة وعقيدة. وبلغ الأمر بهم أنهم رفضوا أن يشترك أهل منطقة السامرة في فلسطين الذين كانوا يدينون بالدين الموسوي في تجديد معبد أورشليم حين سمح لهم كورش ملك الفرس بالعودة من بابل إلى أورشليم وتجديد المعبد. فقد حكى سفر نحميا أحد أسفار الكهنة القديم أن أهل