للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حالتي الأمن والخوف فهو الذي علمهم ما لم يكونوا يعلمونه وعليهم شكره وذكره.

تعليق على الآية حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ... إلخ والآية التي بعدها

والآيتان فصل مستقل لا صلة به بالسياق السابق ولا باللاحق، وقد أورد ابن كثير حديثا رواه الإمام أحمد عن زيد بن ثابت أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يصلي الظهر بالهجير وكانت أثقل الصلوات على أصحابه فلا يكون وراءه إلّا الصف أو الصفان فقال لقد هممت أن أحرق على قوم لا يشهدون الصلاة فنزلتا لتحثا على وجوب إقامة الصلاة في أوقاتها في أي حال، ومن المحتمل أن تكون الآيتان قد نزلتا بعد الآيات السابقة لها فأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بوضعها في مقامها ولو لم يكن بينها وبين السياق مناسبة وفي هذا صورة من صور التأليف القرآني.

ولقد تعددت الأقوال في الصلاة الوسطى، فمنها أنها صلاة الظهر لأن وقتها وسط النهار، وقد يتفق هذا مع الحديث المروي عن زيد، ومنها أنها صلاة الفجر لأنها متوسطة بين صلاتي النهار الظهر والعصر وصلاتي الليل المغرب والعشاء.

وهي أشق من غيرها، ومنها أنها صلاة العصر. وقد روى المفسرون مع كل قول أقوالا وأحاديث معزوة إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه، فقد عزي القول بأنها صلاة الفجر إلى ابن عباس في روايات عديدة، وعزي القول بأنها صلاة الظهر إلى زيد بن ثابت. غير أن القول بأنها صلاة العصر مؤيد بأحاديث أقوى، فقد روى أصحاب الخمسة حديثا عن علي (رضي الله عنه) جاء فيه: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يوم الأحزاب شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا ثم صلّاها بين العشاءين» «١» . وقد روى الترمذي حديثا عن عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «صلاة الوسطى صلاة العصر» «٢» وقد روى الترمذي


(١) انظر التاج ج ١ ص ١٢٣.
(٢) انظر التاج ج ١ ص ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>