في الآيات تذكير بقصة من قصص إبراهيم عليه السلام وحكاية لمناجاته ربّه ودعائه له بمناسبة إسكانه بعض ذريته في وادي مكة. وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر.
تعليق على آية وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وما بعدها إلى آخر الآية [٤١]
والآيات هي الأولى في القرآن المكي التي تضمنت أولا الإشارة إلى صلة إبراهيم وبعض ذريته بمكة. وثانيا ذكر بنوة إسماعيل لإبراهيم بصراحة وقطعية. أما ما سبق من الآيات فقد كانت في صدد التنويه بملّة إبراهيم وصحفه وذريته بصورة عامة كما يستفاد من السور السابقة. وقد احتوى القرآن وبخاصة المدني منه آيات عديدة أخرى فيها توكيد للأمرين.
ومكية الآيات مجمع عليها ولذلك فإن فيها ردّا على من يقول «١» إن ذكر صلة إبراهيم بمكة والكعبة وبنوة إسماعيل لإبراهيم بصراحة لم يرد إلّا في القرآن المدني إذا كان يراد به أن النبي لم يكن يعرف ذلك إلّا بعد اتصاله باليهود في المدينة بعد هجرته إليها. وهذا فضلا عما هو يقيني من تواتر معرفة العرب قبل الإسلام بذلك، ولقد علقنا في المناسبات السابقة على هذا الموضوع. والمتبادر أن المقام هو الذي اقتضى ذكر بنوة إسماعيل لإبراهيم بهذه الصراحة في حين أن المقام في المناسبات السابقة لم يكن يقتضي هذا على ما ذكرناه في سياق هذه المناسبات.
وروح الآيات وغيرها من الآيات الكثيرة المكية والمدنية التي ورد فيها ذكر إبراهيم تلهم أن العرب وبخاصة عرب الحجاز أو قريش كانوا يعرفون ويتداولون
(١) انظر كتاب في الأدب الجاهلي لطه حسين الطبعة الأولى. [.....]